للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدل بهذه الآية بعضهم على التوسل بآثار الأنبياء؛ لأن هؤلاء كانوا ينصرون على الأعداء بسبب تقديمهم للتابوت.

وأن "هذا في الحقيقة ليس إلا توسلاً بآثار أولئك الأنبياء، إذ لا معنى لتقديمهم التابوت بين أيديهم في حروبهم إلا ذلك، والله راض عن ذلك بدليل أنه رده إليهم وجعله علامة وآية على صحة ملك طالوت، ولم ينكر عليهم ذلك الفعل" (١).

والجواب عن هذه الشبهة -بعون الله وتوفيقه- بعدة وجوه:

١ - إن هذه (٢) الآية ليس فيها ما يدل على أنهم يتوسلون بالتابوت، وإنما غاية ما في الآية أن مجيء التابوت جعل آية وعلامة على صحة ملك طالوت، وذلك دليل على صدق ما أخبرهم به رسولهم من أن الله ملك طالوت عليهم، وهذا واضح من الآية وقد فسر هذه الآية على هذا المعنى جمهور المفسرين. قال ابن جرير رحمه الله تعالى في معنى السكينة بعد أن ذكر ما قيل في معنى السكينة من الأقاويل الواردة في تفسيرها عن السلف، قال: أولى الأقوال بالحق في معنى السكينة ما قاله عطاء ابن أبي رباح من الشيء تسكن إليه النفوس من الآيات التي يعرفونها، وذلك لأن السكينة في كلام العرب الفعيلة من قول القائل: سكن فلان إلى كذا وكذا إذا اطمأن إليه وهدأت عنده نفسه فهو يسكن سكوناً وسكينة، ثم ذكر رحمه الله تعالى أن السكينة تحتمل أن تكون كل ما ذكر لأن كل ذلك آيات كافيات تسكن إليهن النفوس وتثلج بها الصدور (٣).


(١) مفاهيم ص: ٦٤ ولم أطلع من سبقه إلى الاستدلال بالآية على هذا الفهم، اللهم إلا ما ذكره الكليني في الكافي أن آيات الأنبياء عصا موسى وحجره وقميص يوسف وخاتم سليمان آلت إلى أئمة الشيعة وأن سلاح النبي آل إليهم أيضاً وأن هذا السلاح مثل التابوت في بني إسرائيل انظر الكافي: ١/ ١٨٠ - ١٨٥.
(٢) انظر الإشارة إلى هذا الوجه والثالث في مفاهيمنا ص: ٧٢.
(٣) ابن جرير ٢/ ٦١١ - ٦١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>