للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو التوسل المشروع ولم يكتف عمر بذكر اسم العباس في الدعاء فقط، بل طلب منه الدعاء، ثم إن قول العباس فشفعنا في أنفسنا إلخ يدل على أن كل الحاضرين مشتركون في الدعاء وأنهم يشفعون في أنفسهم وأهليهم كما يشفعون عن البهائم.

ثم إن قوله لا نرغب إلّا إليك يؤكد إفراد الله تعالى بالرغبة والسؤال وهذا كله يدل على أن التوسل الوارد في قول عمر معناه طلب الدعاء من الحي الحاضر.

٤ - كما يشهد لذلك أيضاً ما ورد في بعض طرق الحديث عن أنس قال: "كانوا إذا قحطوا على عهد النبي استسقوا به، فيستسقي لهم فيسقون فلما كان في إمارة عمر" (١).

فهذا واضح في طلب الدعاء منه ، وكذلك العباس إنما طلب منه عمر الدعاء فكلمة استسقوا السين والتاء فيها للطلب أي طلبوا منه الدعاء بالسقيا.

٥ - ومما يشهد لذلك أيضاً صيغة ما دعا به العباس حين طلب منه عمر فإنه قال: "اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث" (٢).

فلو كان توسل عمر بالذات لما دعا العباس ولسكت لأنَّه يكفي توسل عمر بذاته بل يكفي عدم حضور العباس معهم بذاته، فيكتفي بذكر


(١) أخرجه ابن حبان (الإحسان: ٤/ ٢٢٨) والإسماعيلي كما في الفتح: ٢/ ٤٩٥، والإسناد صحيح لاتحاد مخرج الإسناد مع إسناد البخاري.
(٢) أخرجه الطبراني في الدعاء من طريق الزبير بن بكار: ٣/ ١٧٩٥ رقم ٢٢١١. وعزاه الحافظ في الفتح إلى الزبير بن بكار في الأنساب (الفتح: ٢/ ٤٩٧)، وأخرجه الحاكم: ٣/ ٣٣٤ من طريق الزبير أيضاً، مختصراً وسكت عنه وقال الذهبي: داود متروك وسيأتي بعد قليل بيان ما في هذا الأثر من علل ص: ٧٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>