ومثل هذا يقتضي حصول الريب والشك في كونها ثابتة فلا حجّة فيها.
ثم أجاب رحمه الله تعالى على فرض صحتها:
١ - بأن الاعتبار بما رواه الصحابي لا بما فهمه إذا كان اللفظ الذي رواه لا يدل على فهمه بل على خلافه لأن قوله:"فشفعه فيّ" لا يستقيم فيمن لم يشفع له الرسول الله ﷺ لو لم يدع له، لأن الشفاعة إنما تكون في حياته ﷺ لمن أتى إليه ودعا له الرسول ﷺ.
٢ - ثم إن مثل هذا الأمر لا تثبت به شريعة كسائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في جنس العبادات أو الإباحات أو الإيجابات أو التحريمات - إذا لم يوافقه غيره من الصحابة عليه - وكان ما يثبت عن النبي ﷺ يخالفه لا يوافقه لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها، بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد، ومما تنازعت فيه الأمة فيجب رده إلى الله والرسول، مثل إدخال ابن عمر الماء في عينيه في الوضوء، وغسل أبي هريرة إلى العضد، وغير ذلك مما فعله آحاد الصحابة ولم يجمعوا عليه.
٣ - وأما قول من قال من العلماء: إن قول الصحابي حجة فمقيد بما إذا لم يخالفه غيره من الصحابة ولم يعرف نص يخالفه أو اشتهر ولم ينكروه، وأما إذا كانت السنة تدل على خلافه كانت الحجة في السنة بلا ريب عند أهل العلم.
٤ - ثم إنه لو ثبت عن عثمان بن حنيف أو غيره أنه يستحب التوسل بالنبي ﷺ بعد موته من غير أن يكون النبي ﷺ داعيًا وشافعًا- يرد أن عمر وأكابر الصحابة لم يروا هذا مشروعًا بعد مماته كما كان يشرع في حياته لأنهم كانوا يتوسلون به في حياته في الاستسقاء فلما مات لم يتوسلوا به وإذا قدر أن بعض الصحابة أمر غيره بالتوسل بذاته لا بشفاعته، ولم يأمر