للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخصون مدلول الكلمة اللغوي ببعض الأفراد أو يجعلونه أعم، فنحو كلمة الدابة تطلق في اللغة على كل ما يَدِبُّ على الأرض فخصت في عرف الناس بالفرس، وفي عرف بعضهم بالحمار، ومثلها الرقبة: تطلق على العضو المخصوص، ثم استعملت في العرف في جميع البدن.

٣ - ومنهم من قال: إن الشارع لم ينقلها، ولم يغيرها، ولكن استعملها مقيدة لا مطلقة (١).

فالصلاة لم تنقل عن معناها اللغوي الذي هو الدعاء، ولكنها استعملت في دعاء مخصوص، كما أن أهل اللغة يستعملون الكلمة مطلقة في معناها العام، ثم يستعملونها خاصة ومقيدة بالإضافة أو لام التعريف. فتعتبر الكلمة في مثل هذا من اسم الجنس لا يدل على شخص معين إلا بالقيد (٢)، فالشارع استعمل لفظ الصلاة على وجه يختص بمراده ولم يستعمله مطلقًا وهو إنما قال: "أقيموا الصلاة" بعد أن عرفهم الصلاة المأمور بها فكان التعريف منصرفًا إلى الصلاة التي يعرفونها، لم ينزل لفظ الصلاة، وهم لا يعرفون معناه (٣). وهذا المسلك الذي سلكه الشارع موجود في أساليب العرب يأتي أحدهم إلى الكلمة فيقيدها أو يخصها بشيء، فالشارع أتى إلى بعض الكلمات فاستعملها مقيدة، ومختصة، إما بالإضافة أو اللام.

وهذه الأقوال المتقدمة أرجحها القول الأخير وذلك للأمور التالية:


(١) انظر في حكاية هذا الاختلاف والاستدلال لهذه الأقوال ومناقشة أدلتها الكتب التالية: المعتمد في الأصول: ١/ ١٨ - ٢١، والتمهيد في أصول الفقه: ١/ ٨٨ - ٩٧، والمستصفى: ١/ ٣٢٦ - ٣٣٢، والمسودة: ٥٦١ - ٥٦٢، وجمع الجوامع: ١/ ٣٠١ - ٣٠٤ مع حاشية البناني، والوصول: ١/ ١٠٢ - ١٠٥، والإحكام للآمدي: ١/ ٣٥ - ٤٣، وإرشاد الفحول: ٢١ - ٢٢، وفواتح الرحموت: ١/ ٢٢٢ - ٢٢٣، والإيمان لشيخ الإسلام: ٢٥٥، ١٠٦، وفلسفة المجاز: ٣٣ - ٣٥.
(٢) الإيمان: ١١٥.
(٣) الإيمان ص: ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>