للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم : "ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان:

أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه في الليل والنهار فهذا دعاء وسؤال، وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.

والثاني: سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه ويزيد في تشريفه …

ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه، فالمصلي عليه قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله وآثر ذلك على طلبه حوائجه ومحابه هو" (١). فدل هذا الكلام على أن الصلاة على النبي أحد نوعي دعاء المسألة فتكون النسبة بينهما من باب العموم والخصوص المطلق، ولكن ابن القيم نفسه أبدى إشكالًا في كون الصلاة بمعنى الدعاء وذكر من وجوه الإشكال أن الدعاء يكون بالخير والشر والصلاة لا تكون إلا في الخير وأن الدعاء يتعدى باللام والصلاة لا تتعدى إلا بعلى، والدعاء إذا تعدى بعلى يختلف عن معنى الصلاة لأنه حينئذ في الشر، وأن فعل الدعاء يقتضي مدعوًا ومدعوًا له نحو دعوت الله لك بخير والصلاة لا تقتضي ذلك لا تقول: صليت الله عليك ولا لك، فدل هذا على أنهما ليسا بمعنى واحد (٢).

ويمكن أن يجاب عن هذه الإشكالات بأنه لا يلزم من كون أحدهما بمعنى الآخر لغة، أن يتحدا في جميع الاستعمالات من التعدي واللزوم وغيرهما ولكن المقصود أنهما مشتركان في القدر المشترك الذي يصدق عليهما ويوجد في جميع موارد استعمالهما.

وأما إذا أريد من الصلاة - الصلاة المفروضة فتكون النسبة بينهما من باب العموم والخصوص المطلق أيضًا لأن الصلاة المفروضة هي نوع خاص مقيد خص بالتعريف بأل بهذه الصلاة ذات الأركان. وأما إذا أريد


(١) جلاء الأفهام: ٢٧٠.
(٢) بدائع الفوائد: ١/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>