للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: لو فرضنا ولادته لا يمكن حضوره المناظرة لأنه لم يرحل إلا وهو كبير، وهو في خراسان، والقصة في المدينة.

وقد حاول الكوثري نفي هذا الانقطاع بأن عمر ابن حميد عند وفاة مالك لا يقل عن نحو خمس عشرة سنة، وهذا الذي قاله يشهد عليه لا له، لأن المناظرة على فرض وقوعها حصلت على أكبر تقدير عام ١٥٢ هـ، وبين هذا التاريخ ووفاة مالك عام ١٧٩ هـ سبع وعشرون سنة، وباعترافه هذا فابن حميد ولد بعد المناظرة قطعًا، وليس من أهل المدينة ولم يرحل إلا بعد ما كبر وتوفي عام ٢٤٨ هـ.

العلة الثالثة: إن في الطريق إلى ابن حميد من ليس بمعروف كما قاله شيخ الإسلام (١).

وقال ابن عبد الهادي: "إسناد مظلم منقطع وهو مشتمل على من يتهم بالكذب، وعلى من يجهل حاله" (٢).

العلة الرابعة: إن مالكًا لو ثبت عنه -وهيهات ذلك- لم يسندها فهي مقطوعة فليس في ذلك حجة بل الحجة فيما ثبت بالكتاب والسنة.

العلة الخامسة (٣): إن محمد بن حميد تفرد برواية هذه الحكاية عن مالك، حيث لم يذكرها أحد من أصحاب مالك المعروفين بالأخذ عنه وهو ضعيف عند أهل الحديث إذا أسند فكيف إذا أرسل حكاية لا تعرف إلا من جهته؟ وأصحاب مالك متفقون على أنه بمثل هذا النقل لا يثبت عن مالك قول له في مسألة في الفقه، بل إذا روى عنه الشاميون ضعفوا روايتهم وإنما يعتمدون على رواية المدنيين والمصريين، فكيف بحكاية تناقض مذهبه المعروف عنه من وجوه كثيرة رواها واحد من الخراسانيين


(١) قاعدة في التوسل ص: ٦٧.
(٢) الصارم ص: ٢٥٨.
(٣) انظر هذا الوجه في قاعدة التوسل: ٦٧ - ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>