للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهم تدل على أن هذا ليس من عملهم ولا عاداتهم، فلو كان استقبال الحجرة عند الدعاء مشروعًا لكانوا أسبق إلى ذلك لحرصهم على الخير.

٤ - إن لفظ (١) الرواية فيها ركاكة من الناحية اللغوية في قوله: "استشفع به فيشفعك الله" لأن الاستشفاع به معناه في اللغة أن يطلب منه الشفاعة كما يستشفع به يوم القيامة، وإذا كان المراد به الاستشفاع منه أي طلب شفاعته فإنما يقال: "استشفع به فيشفعه الله فيك" ولا يقال فيشفعك الله فيه.

وهذا اللفظ الذي في الحكاية يشبه لفظ كثير من العامة الذين يستعملون لفظ الشفاعة في معنى التوسل، فيقول أحدهم اللهم إنا نستشفع إليك بفلان أي نتوسل به وهذا ليس لغة السلف ولا لغة العرب.

٥ - ثم إن عقد المناظرة بين العلماء والخلفاء غير معروف في التاريخ غالبًا لأن المناظرة إنما تعقد بين العلماء، وقد تكون في بعض الأحيان القليلة بحضور بعض الخلفاء وإشرافهم.

وقد ذكر العلماء المناظرة بين مالك وأبي حنيفة وبين مالك وأبي يوسف بحضور بعض خلفاء بني العباس.

٦ - ثم لو صحت (٢) هذه الحكاية يمكن أن يكون مالك نهى عن رفع الصوت في مسجده ، ويكون مالك آمرًا بما أمر الله به من توقيره وتعزيره ، لكن وقع تحريف في ألفاظ الحكاية.

فعلي فرض صحتها ليس معنى التوسل الذي في الحكاية هو التوسل في الدنيا بل هو التوسل بشفاعته يوم القيامة، ولكن من الناس من يحرف نقلها مع أن أصلها ضعيف.

والحاصل (٣) أن هذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون في غاية


(١) انظر هذا الوجه في قاعدة التوسل ص: ٧٥ - ٨٠.
(٢) انظر هذا الوجه في قاعدة ص: ٧٦ - ٧٧ و ٦٦.
(٣) الصارم: ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>