للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الشبهة المبنية على أساس جامع الاشتراك بين الأعمال والذوات الفاضلة في كونهما مخلوقين هي من أضعف الشبه، وذلك لأن القياس لا يدخل في باب العبادات إذ مبناها على التوقيف، والاتباع (١).

وهذا القياس فاسد من ناحية أخرى أيضًا وهي أنه قياس مع الفارق وذلك لأن علة صحة التوسل بالأعمال كونها من كسب الإنسان وعمله يرجو عليه الجزاء والثواب في الدنيا والآخرة، وهذا الذي جعلها سببًا للوسيلة وهذه العلة مفقودة في الذوات الفاضلة لأنها أجنبية عن المتوسّل بها، فبهذا يتضح أن هذا القياس قياس مع الفارق وهو فاسد الاعتبار كما هو مقرر في علم الأصول.

ومن شبههم القياسية قياس حال الموت على حال الحياة، قال بعضهم:

"ولو لم يكن للفقيه من الدليل على صحة التوسل، والاستغاثة به بعد وفاته إلا قياسه على التوسل، والاستغاثة به في حياته الدنيا، لكفى فإنه حي الدارين دائم العناية بأمته، متصرف بإذن الله في شؤونها خبير بأحوالها … " (٢).

وهذا القياس الذي ذكروه فاسد الاعتبار من وجوه:

١ - إن الفرق بين الحياة والموت واضح وضوح الشمس في رائعة النهار، وهذه قضية مسلمة منطقية لا جدال فيها بين العقلاء، ومن شرط القياس المماثلة فلا مماثلة بين الحالتين.

٢ - ثم إن النبي وغيره من الأنبياء والصالحين كانوا في حياتهم


(١) مصباح الظلام: ١٨١.
(٢) البراهين الساطعة ص: ٤٢١، وهذا الكلام مع خطورته قد انتحله العلوي في كتابه مفاهيم ص: ٩١، ففي هذا الكلام ما يشير إلى اعتقاد التصرف المطلق. انظر مفاهيمنا: ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>