للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يتبين أن النصوص عامة لكل المدعوين من العقلاء وغيرهم، ومن ادعى التخصيص بغير العقلاء فعليه البرهان ولا برهان له يدل على الفرق بين العقلاء وغيرهم "لأن الحكم واحد إذا حصل لمن يعتقد في الولي والقبر ما كان يحصل لمن كان يعتقد في الصنم والوثن، إذ ليس الشرك هو مجرد إطلاق بعض الأسماء على بعض المسميات، بل الشرك هو يفعل لغير الله شيئاً يختص به سبحانه سواء أطلق على ذلك الغير ما كان تطلقه عليه الجاهلية أو أطلق عليه اسماً آخر فلا اعتبار بالاسم قط …

وقد علم كل عالم أن عبادة الكفار للأصنام لم تكن إلا بتعظيمها واعتقاد أنها تضر وتنفع، والاستغاثة بها عند الحاجة والتقرب لها في بعض الحالات بجزء من أموالهم وهذا كله قد وقع من المعتقدين في القبور … " (١).

وإنما قلنا بأن الآيات جاءت بألفاظ العموم لأنها جاءت بصيغة الموصول وهي من صيغ العموم (٢) كقوله: والذين تدعون ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣)[فاطر: ١٣]، وقوله: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ﴾ [يونس: ١٠٦]، وقوله: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ [الإسراء: ٥٦].

فهذه الموصولات في كلام الله وكلام رسوله واقعة على كل مدعو ومعبود نبياً كان أو ملكاً أو صالحاً إنسياً أو جنياً، حجراً أو شجراً متناولة لذلك بأصل الوضع، فإن الصلة كاشفة ومبينة للمراد وهي واقعة على كل مدعو من غير تخصيص، وهي أبلغ وأدل وأشمل من الأعلام الشخصية والجنسية.


(١) الدر النضيد ص: ١٨.
(٢) انظر في صيغ العموم: الأحكام للآمدي: ٢/ ١٨٣ - ١٨٤، والأحكام لابن حزم: ٣/ ١٢٩، وجمع الجوامع: ١٨/ ٤٠٩، وإرشاد الفحول ص: ١١٥. فقد ذكروا أن أسماء الشرط والاستفهام والموصولات من صيغ العموم.

<<  <  ج: ص:  >  >>