للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أصول الفقه: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ويلزم من هذا الاعتراض أن يقال: كل حكم نزل على سبب مخصص في قضية سالفة فهو لا يتعداها إلى غيرها.

وهذا باطل، وتعطيل لجريان الأحكام الشرعية على جميع البرية" (١) لأنَّه يلزم من اعتقاد أن الآيات لا تشمل إلا المشركين الأوائل الذين نزلت فيهم أنها لا حكم لها الآن، فالذي يجب على الإنسان إذا قرأ القرآن أن لا يحسب أن المخاصمة كانت مع قوم انقرضوا، بل الواقع أنه ما من بلاء كان فيما سبق من الزمان إلا وهو موجود اليوم بطريق الأنموذج (٢) بحكم الحديث: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة … " (٣).

وأما احتجاجهم بالأحاديث الآمرة بالكف عمن قال: لا إله إلا الله فيقال: إن الأحاديث تدل على وجوب الكف عمن قالها إلا إن تبين منه ما يناقض تلك الكلمة (٤)، كدعاء غير الله تعالى والاستغاثة بالأولياء .. إلخ.

وقد ثبت في بعض طرق الأحاديث ما يفيد ذلك وهو قوله في حديث أبي هريرة في بعض طرقه عند مسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به" (٥). فقوله : "ويؤمنوا بي وبما جئت به" يدل على وجوب الإيمان بكل ما جاء به الرسول ، ولا يكفي مجرد الإيمان بالشهادتين فقط.

كما ورد نحوه في حديث آخر وهو ما أخرجه مسلم أيضاً من حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: سمعت رسول الله يقول:


(١) درجات الصاعدين: ٥٩، والدين الخالص: ١/ ٢٣٢.
(٢) الفوز الكبير في أصول التفسير ص: ١١.
(٣) أخرجه البخاري: ٧/ ٤٩٥ رقم ٣٤٥٦، ومسلم: ٤/ ٢٠٥٤ رقم ٢٦٦٩.
(٤) تطهير الاعتقاد: ٣٣.
(٥) أخرجه مسلم: ١/ ٥٢ رقم ٢١/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>