للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾.

ويُشترط لاستيفاءِ القصاصِ ثلاثةُ شروطٍ:

أحدُها: كونُ مستحِقِّه مكلَّفًا.

فإن كان مستحِقُّ القصاص، أو بعضُ مستحِقِّه صبيًّا أو مجنونًا؛ لم يَستوفه لهما أبٌ ونحوُه، وإلى هذا أشار بقوله: (وَيُحْبَسُ جَانٍ إِنْ كَانَ فِي الوَرَثَةِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) لصِغَرٍ أو جنونٍ، (حَتَّى يُكَلَّفَ) صغيرٌ ببلوغٍ، ومجنونٌ بإفاقةٍ (١)، (وَيُطَالِبَ) بعدَ تكليفِه؛ لأنَّ معاويةَ حبَس هُدْبَةَ بنَ خَشْرم في قصاصٍ حتى بلَغ ابنُ القتيلِ (٢)، وكان ذلك في عصرِ الصَّحابةِ، ولم يُنكَر.

وإن احتاج لنفقةٍ؛ فلِوَليِّ مجنونٍ فقط العفوُ إلى الدِّية.

الثاني: اتِّفاقُ جميعِ الورثةِ على استيفائِه، وإلى هذا أشار بقوله: (وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ)؛ لأنَّه يَكون مستوفيًا لحقِّ غيرِه بغيرِ إذنِه، ولا ولايةَ له عليه، فيُنتظر قدومُ غائبٍ ونحوِه.

الثالثُ (٣): أن يُؤمَن في استيفاءٍ أن يَتعدَّى إلى غيرِ جانٍ؛ لقولِه تَعالى: ﴿فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾، وإلى هذا أشار بقوله: (وَلَا يُسْتَوْفَى مِنْ حَامِلٍ) وجَب عليها القصاصُ، أو على حائلٍ فحَمَلَت، (حَتَّى تَضَعَ) الولدَ، (وَتَسْقِيَهُ اللِّبَأَ)؛ لأنَّ قَتْلَ الحاملِ يَتعدَّى إلى الجنين، وقَتْلَها قبلَ أن تَسقيه اللِّبأَ يَضرُّه؛ لأنَّه في الغالب لا يَعيش إلّا به، ثمَّ بعدَ سَقْيِه اللِّبأَ إن وُجِد مَنْ يُرضعه؛ قُتِلَت، وإلّا تُرِكَت حتى تَفطِمَه.


(١) في (د): بإطاقة.
(٢) أخرج القصة أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني (٢١/ ٢٥٤)، وعنه ابن عساكر في تاريخه (٣٤/ ٣٧٤).
(٣) في (د) و (ك): والثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>