للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) رابعُها: (غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الكَعْبَيْنِ)؛ لقولِه تعالى: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾، وهو واضحٌ على قراءةِ النَّصبِ، وأمَّا على قراءةِ الجرِّ؛ فقِيل: بالجِوارِ، والواوُ تأباه؛ إذ خَفْضُ الجِوارِ يَكون في النَّعت والتَّوكيدِ، لا في النَّسَقِ، كما نقلَه في «المُغْني» عن المحقِّقِين (١).

وقال أبو زيدٍ (٢): المسحُ عندَ العربِ غَسلٌ ومسحٌ (٣)، فغايةُ الأمرِ أنَّها تَصير بمنزلةِ المُجمَلِ.

وصِحاحُ الأحاديثِ تَبلغ التَّواترَ في وجوبِ غَسلِها، حتى روَى سعيدٌ عن ابنِ أَبي ليلَى (٤) بسندٍ حسنٍ، قال: (أَجمَع أصحابُ رسولِ اللهِ على غَسلِ القدمَين) (٥)، وقالت عائشةُ: «لَأنْ تُقطعَا أحبُّ إليَّ مِنْ أن أمسحَ القدمَين» (٦).


(١) ينظر: مغني اللبيب ص ٨٩٥.
(٢) كتب على هامش (س): من اللغويين. انتهى تقرير المؤلف.
هو: سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، العلَّامة أبو زَيْد البَصْري، صاحب التصانيف، حدث عن أبي عمرو بن العلاء، ورؤبة بن العجاج، من مصنفاته: النوادر في اللغة، مات سنة ٢١٥ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٩/ ٤٩٤.
(٣) ينظر: المصباح المنير ٢/ ٥٧١.
(٤) هو: أبو عيسى، عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، الإمام الحافظ، حدث عن: عمر، وعلي، وأبي ذر، وابن مسعود، مات سنة ٨٢ هـ، وقيل ٨٣ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٦٢.
(٥) لم نقف عليه، وذكره في المغني ١/ ٩٨.
(٦) أخرج ابن أبي شيبة (١٩٤٤)، وأبو عبيد في الطهور (٣٩٤)، عن عائشة بلفظ: «لأن أحزَّهما بالسكاكين أحب إليَّ من أن أمسح عليهما»، وإسناده صحيح، والمعنى الذي ذكره المصنف؛ نقله أبو عبيد في الطهور فقال: (بعض أصحاب الحديث كان يتأوله في المسح على القدمين، ويصدِّق ذلك: حديثها عن النبي : «ويل للأعقاب من النار»، فهل يكون هذا إلا على الأقدام؟! وهي كانت أعلم بمعنى حديثها)، وقيل: أرادت به المسح على الخفين، وبه بوَّب ابن أبي شيبة (باب من كان لا يرى المسح)، بعد: (باب في المسح على الخفين كيف هو)، وتأوله البيهقي في الكبرى (١/ ٤٠٩)، بقوله: (فإنها كرهت ذلك، ثم ثبت عنها أنها أحالت بعلم ذلك على علي ، وعلي أخبر عن النبي بالرخصة فيه)، وما ذكره من إحالتها العلم به على علي؛ وارد في صحيح مسلم (٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>