للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو غسَل أعضاءَه دَفعةً؛ لم يصحَّ، فلَو انغمسَ في كثيرٍ بنيَّةِ رفعِ الحدثِ، فإن خرَج مرتِّبًا، ومسَح رأسَه في محلِّ مسحِه؛ صحَّ، وإلّا فلا.

(وَ) سادسُها: (مُوَالَاةٌ)؛ لقولِه تَعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾، فالأوَّلُ شرطٌ، والثاني جوابُه، ومتى وُجد الشَّرطُ وهو القيامُ؛ وجَب ألَّا يَتأخَّر عنه جوابُه، وهو غسلُ الأعضاءِ، فيَستلزم مُوالاتَها.

يُؤيِّدُه: ما روَى خالدُ بنُ مَعْدَانَ: «أنَّ النبيَّ رأَى رَجُلًا يُصلِّي وفي ظَهرِ قَدمَه لُمعةٌ قَدْرُ الدِّرهمِ لم يُصِبها الماءُ، فأمرَه أن يُعيد الوضوءَ» رَواه أحمدُ (١)، فلَو لم تَجب الموالاةُ؛ لأجزأه غَسلُ اللُّمعةِ فقط.

والموالاةُ في الأصلِ: مصدرُ والَى الشيءَ، يُواليه: إذا تابعَه، والمرادُ هنا: ما أشارَ إليه بقولِه: (بِأَنْ لَا يُؤَخِّرَ) المتوضِّئُ (غَسْلَ عُضْوٍ) أو مَسحَه (حَتَّى يَجِفَّ)، بكسرِ الجيمِ، أي: يَنشَف (مَا)، فاعلُ «يجفَّ»، أي: العضوُ الذي (قَبْلَهُ)، في زمنٍ معتدلِ الحرِّ والبردِ، أو قَدْرِه مِنْ غيره، فلا يؤخِّر غسلَ يدَيه حتى يَجفَّ وجهُه، ولا مسحَ رأسِه حتى تَجفَّ يَداه، ولا غسلَ رِجلَيه حتى يَجفَّ رأسُه لو كان مغسولًا.

وعُلم منه: أنَّه لو أخَّر مسحَ الرأسِ مَثلًا حتى جفَّ الوجهُ دونَ اليدَين؛ لم يَضرَّ.

(وَشُرِطَ)، بالبناءِ للمفعولِ، (لَهُ) أي: للوضوءِ، أي: شُرط لصحَّةِ وضوءٍ: (وَلِ) صحَّةِ (غُسلٍ)، ولو مُستحبَّين، ولتيمُّمٍ ولو مُستحبًّا (٢)، أو عن نجاسةٍ ببدنٍ:


(١) أخرجه أحمد (١٥٤٩٥)، وأبو داود (١٧٥)، عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي ، قال أحمد: (إسناده جيد)، واحتج به، وله شاهد عند مسلم (٢٤٣) من حديث عمر بلفظ: «ارجع فأحسن وضوءك». ينظر: تنقيح التحقيق (١/ ٢٢٥).
(٢) كتب على هامش (س): قوله: (ولو مستحبًّا) أي: بأن كان بدلًا عن غسل مسنون مثلًا كغسل الإحرام. انتهى تقرير مؤلفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>