للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و (لَا) تَقضي (الصَّلَاةَ) إجماعًا (١)، بل يَحرُم عليها؛ لحديثِ مُعاذةَ قالت: سألتُ عائشةَ فقلتُ: ما بالُ الحائضِ تَقضي الصَّومَ ولا تَقضي الصَّلاةَ؟ فقالت: أحَرُورِيَّةٌ أنتِ؟ فقلتُ: لستُ بحَرُورِيَّةٍ، ولكنِّي أسألُ، فقالت: «كنَّا نَحيض على عهدِ رسولِ اللهِ ، فنُؤمَر بقضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤمَر بقضاءِ الصَّلاةِ» متَّفق عليه (٢)، ومعنى قولِها: «أَحَرُورِيَّةٌ؟» الإنكارُ عليها أن تَكون مِنْ أهلِ حَرُورَاءَ (٣)، مكانٍ تُنسَب إليه الخوارجُ، لأنَّهم يَرون قضاءَ الحائضِ الصَّلاةَ كالصَّوم؛ لفَرطِ تَعمُّقِهم في الدِّين حتى مَرَقُوا منه.

قال في «الفروع»: (ولعلَّ المرادَ: إلّا ركعتَي الطَّوافِ؛ لأنَّهما نُسكٌ لا آخرَ لوقتِه، فيُعايا بها) (٤) انتهى. يَعني: لو حاضَت بعدَ الطَّوافِ قبلَ صلاةِ ركعتَيه؛ فإنَّها تُصلِّيهما (٥) إذا طهَرَت، وتسميةُ ذلك قضاءً تَجوُّزٌ؛ لأنَّه لا آخرَ لوقتِها.

(وَلَا حَيْضَ قَبْلَ) تَمامِ (تِسْعِ سِنِينَ) هِلاليَّةٍ، فمَتى رأَت دَمًا قبلَ بلوغِ التِّسعِ؛ لم يَكُنْ حَيضًا؛ لأنَّه لم يُوجَد مِنْ النِّساءِ مَنْ تَحيض قَبلَها، قال التِّرمذيُّ: قالت عائشةُ: «إذا بلَغَت الجاريةُ تِسعَ سِنين فهي امرأةٌ» (٦).

(وَلَا) حَيضَ (بَعْدَ) تَمامِ (خَمْسِينَ سَنَةً)؛ لقولِ عائشةَ: «إذا بلَغَت المرأةُ


(١) ينظر: الأوسط ٢/ ٢٠٢.
(٢) أخرجه البخاري (٣٢١)، ومسلم (٣٣٥).
(٣) قال النووي في شرح مسلم ٤/ ٢٧: (قرية بقرب الكوفة، قال السمعاني: هو موضع على ميلين من الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج به، قال الهروي: تعاقدوا في هذه القرية فنسبوا إليها).
(٤) ينظر: الفروع ١/ ٣٥٣.
(٥) في (س): تصليها.
(٦) أخرجه حرب الكرماني في مسائله (١٢٨٩)، عن حبيب بن أبي مرزوق عنها، ورجاله ثقات، وقد احتج به إسحاق، وعلقه الترمذي في الجامع (٣/ ٤٠٩)، والبيهقي في الكبرى (١/ ٤٧٦)، إلا أنه يبعُد سماع حبيب منها، فإنه يروي عن نحو عروة وعطاء ونافع. ينظر: تهذيب الكمال ٥/ ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>