للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأُلحِم به. انتهى (١).

فالمُلحَمُ عكسُ الخَزِّ صورةً وحكمًا، وقد اشْتَبه على كثيرٍ مِنْ الناس (٢) نحوُ الثيابِ البغداديَّةِ ممَّا يُسدَى بالحريرِ ويُلحَم بالقطنِ، لكن مع ظهورِ الحريرِ واستِتارِ القطنِ، فتوهَّموا أنَّ ذلك مِنْ الخَزِّ المباحِ، وغَفَلُوا (٣) عن شرطِ الخَزِّ


(١) ينظر: كشاف القناع ٢/ ١٦٧.
(٢) كتب على هامش (ب): قوله: (على كثير من النَّاس) أراد بذلك الإمام العلَّامة والحبر الفهَّامة الشَّيخ محمَّدًا أبا المواهب طيَّب الله ترابه ومن نحا نحوه، وهم جميع أصحابنا الشَّاميّين أعزَّهم الله تعالى، وحاصل المسألة: أنَّه لا تخلو ثياب الحرير من كونها إمَّا حريرًا محضًا؛ فتحرم بالاتِّفاق، وإمَّا أن تكون حريرًا وغيره، وإذا كانت كذلك؛ إمَّا أن تُسدَى بالحرير وتُلحم بغيره، وإمَّا أن تسدى بغير الحرير وتلحم بالحرير، وإما أن تسدى بالحرير وتلحم بهما كذلك، أو تسدى بهما وتلحم بأحدهما، فإن سُديت بالحرير وغيره وأُلحمت بهما أو بالحرير؛ اعتبرنا الظهور، وإن سُديت بالحرير وألحمت بغيره، أو سديت بالحرير وغيره وألحمت بغير الحرير؛ فعباراتهم صريحة في إباحته، وهو الَّذي جزم به أبو المواهب، وظاهر إطلاق عباراتهم عدم اعتبار الظُّهور في هذه الصورة، كما في «الإقناع» و «المنتهى» وغيرهما، وما استدلَّ به المصنِّف وإن فهم مقصوده فغير صريح في كلامهم، بخلاف كلام أبي المواهب، فإنَّه مصرَّح به، نعم مقتضى أصول المذهب هو ما اقتضاه كلام المصنِّف؛ لأنَّ العلَّة في تحريم الحرير الظُهور، وكأنَّ هذه الصورة مستثناة أو نحو ذلك، وقد وقع بين المصنِّف وأبي المواهب بسبب هذه المسألة نفرة أوجبت خروج المصنِّف إلى مصر، والله أعلم. س م.
وكتب على هامش (ع): قوله: (وقد اشتبه … ) إلخ: قضيته اعتبار عدم ظهوره في إباحة الخز كغيره، فلا يباح خز ولا غيره، إلا إذا لم يكن الحرير هو الأغلب ظهورًا، وهو مخالف لمقتضى صنيعهم، كما يرشد إلى ذلك عبارة صاحب الفروع حيث قال: وما غالبه حرير، قيل: ظهورًا، وقيل: وزنًا بلا ضرورة، وإن استويا فوجهان، وكذا الخز عند ابن عقيل وغيره، وأباحه أحمد، وفرق بأنه: [لبسه] الصحابة ، وبأنه لا سرف فيه ولا خيلاء. انتهى، فكلامه كغيره مقتضٍ حلَّ الخز من غير اعتبار هذا الشرط، ونعم، ما مشى عليه المصنف في الخز هو قول ابن عقيل وغيره، لكنه مرجوح، والمتأخرون على خلافه، وهذه المسألة وقع بين المصنف فيها وبين أبي المواهب ، فاختار الشيخ أبو المواهب الحل مطلقًا، والمصنف بالشرط المذكور، وكانت سبب خروجه من دمشق إلى القاهرة، والله تعالى أعلم. [العلامة السفاريني].
(٣) كتب على هامش (س): قوله: (وغفلوا) بفتح الفاء، تقرير المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>