للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورحمتُه تَعالى صفةٌ قديمةٌ، قائمةٌ بذاتِه تَعالى، تَقتضي التفضُّلَ (١) والإنعامَ، وتَفسيرها برِقَّةٍ في القلب تَقتضي الإنعامَ كما في «الكشَّاف» (٢) إنما يَليق برَحمةِ (٣) المخلوقِ (٤).

ونَظيرُ ذلك العلمُ؛ فإنَّ حقيقتَه القائمةَ بالله تَعالى ليسَتْ مِثلَ الحقيقةِ القائمةِ بالمخلوق؛ بل نَفس (٥) الإرادةِ التي يردُّ بعضُهم الرَّحمةَ إليها هي في حقِّه تَعالى مخالِفةٌ لإرادة المخلوقِ؛ إذ هي مَيلُ قَلبِه إلى الفعلِ (٦)، وإرادتُه تَعالى بخلاف ذلك (٧).

وكذا ردُّ الزمخشريِّ (٨) لها في حقِّه تَعالى إلى الفعلِ بمعنَى الإنعامِ، مع أنَّ فعلَ العبدِ الاختياريَّ إنما يَكون لجَلبِ نفعٍ للفاعل، أو دفعِ ضَررٍ عنه، وفعلُه تَعالى بِخلافِ ذلك، فما فرُّوا إليه فيه مِنْ المحذورِ نَظيرُ ما فرُّوا منه (٩).

وبهذا يَظهر أنَّه لا حاجةَ إلى دَعوَى المجازِ في رحمتِه تَعالى الذي هو خلافُ الأصلِ المُقتضي لصحَّةِ نَفيِها عنه، وضعفِ المقصودِ منها فيه، كما هو


(١) في (ب): التفضيل.
(٢) قوله: (كما في الكشاف) سقط من (أ) و (س). وينظر: الكشاف للزمخشري ١/ ٨.
(٣) في (س): إنما هو لرحمة المخلوق.
(٤) كتب على هامش (ح): رد المصنف على من زعم أن الرحمة بمعنى النعمة.
(٥) في (أ) و (ع) و (د): تفسير نفس.
(٦) في (ب): للفعل.
(٧) كتب على هامش (ب): قوله: (وإرادته تعالى) وهي صفة ذاتية قديمة باقية متعلقة بكل ممكن، ويراد منها المشيئة. اه. ح م ص.
(٨) هو: محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم، المفسر المعتزلي، من مصنفاته: الكشاف في تفسير القرآن، وأساس البلاغة، والمفصل، وغيرها، مات سنة ٥٣٨ هـ. ينظر: وفيات الأعيان ٥/ ١٦٨، سير أعلام النبلاء ٢٠/ ١٥١.
(٩) قوله: (إذ هي ميل … ) إلخ، سقط من (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>