للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شأنُ المجازِ؛ إذ يصحُّ أنْ تقول لِمَنْ قال: «زيدٌ أسدٌ»: ليس بأسدٍ، وليسَت جُرأتُه كجُرأتِه.

والحاصلُ: أنَّ الصِّفةَ تارةً تُعتبر مِنْ حيثُ هي هي، وتارةً مِنْ حيثُ قِيامُها به تَعالى، وتارةً مِنْ حيثُ قِيامُها بغيرِه تَعالى.

وليسَت الاعتباراتُ الثلاثةُ متماثلةً (١)؛ إذ ليس كمِثلِه تَعالى شيءٌ، لا في ذاتِه، ولا في شيءٍ مِنْ صِفاتِه، ولا في شيءٍ مِنْ أفعالِه، وهو السميعُ البصيرُ.

فاحفظْ هذه القاعدةَ؛ فإنَّها مهمَّةٌ جدًّا، بل هي التي أَغنَت السَّلفَ الصَّالحَ عن تأويلِ آياتِ الصِّفاتِ وأحاديثِها، وهي العاصمةُ لهُم مِنْ أنْ يَفهموا مِنْ الكتابِ والسُّنَّة مستحيلًا على الله تَعالى مِنْ تَجسيمٍ أو غيرِه.

ثم بعد إثباتي لهذه القاعدةِ، رأيتُها مَنصوصةً في كلام السيِّدِ مُعينِ الدِّينِ الصَّفويِّ (٢)، ثم رأيتُه قد سبَقَه إليها العلامةُ ابنُ القيِّمِ (٣)، والحمدُ للهِ تعالى (٤).


(١) كتب على هامش (ب): قوله: (وليست الاعتبارات الثلاثة متماثلة) لم يوضح الشارح الثلاثة اعتمادًا على ما فُهم مما أسلفه مفهومًا ومنطوقًا، وبيان المقصود: أن قوله: (من حيث هي هي) معناه: رقة وتعطف، وقوله: (ومن حيث قيامها به تعالى) أي: صفة قديمة قائمة بذاته، تقتضي التفضل والإنعام، وقوله: (من حيث قيامها بغيره تعالى) أي: رقة القلب وانعطافه، هذا محصل ما فُهم من كلامه، تدبره. انتهى، كاتبه شيخنا غنام النجدي.
(٢) في (د): السيد الصفوي.
وكتب على هامش (ح): المدني.
وهو: محمد بن عبد الرحمن بن محمد الحسيني الإيجي الشافعيّ، من أهل (إيج) بنواحي شيراز، من مصنفاته: جامع البيان في تفسير القرآن، ورسالة في بيان المعاد الجسماني والروح، مات سنة ٩٠٦ هـ. ينظر: الضياء اللامع ٨/ ٣٧، طبقات المفسرين للأدنه وي ١/ ٣٧٣.
(٣) قوله: (بل هي التي أغنت السلف) إلى هنا سقط من (س). وينظر: بدائع الفوائد ١/ ١٥٦.
(٤) قوله: (والحمد لله تعالى) زيادة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>