للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وابتدأَ المصنِّفُ بالبسملةِ؛ تأسِّيًا بالكتاب (١)، وعملًا (٢) بحديثِ (٣): «كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدأُ فيه (٤) ببسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فهو أَبتَرُ (٥)»، أي:


(١) كتب على هامش (ب): قوله: (تأسيًا) مفعول لأجله، أي: اقتداء، وخصَّ الكتاب بالذِّكر؛ لشرفه، فجميع الكتب مبدوءة بالبسملة لحديث: «بسم الله الرَّحمن الرَّحيم فاتحة كلِّ كتاب»، فهي من الشَّرائع، ولا ينافيه قول السِّيوطي: إنَّها من خصوصيَّات هذه الأمَّة؛ لأنَّ النبي كان يكتب أوَّلًا (باسم الله)، أي: يأمر بكتابتها، فلمَّا نزل: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾؛ أمر بكتابة باسم الرَّحمن، فلمَّا نزلت آية النَّمل؛ أمر بكتابة بسم الله الرَّحمن الرَّحيم؛ لأنَّ مراده بهذا التَّرتيب، واللَّفظ العربي من خصوصيَّات هذه الأمة، وما في النَّمل ترجمة عما في كتاب بلقيس، على أنَّه يمكن أن يكون أمر بكتابة ذلك قبل علمه بوجودها في الكتب السَّابقة، فلا ينتج ذلك من خصوصيَّات هذه الأمَّة.
(٢) كتب على هامش (ب): قوله: (وعملًا) إنَّما عبَّر في جانب القرآن بالاقتداء، وفي جانب الحديث بالعمل؛ لكون القرآن يقتدى به؛ إذ ليس فيه أمر بذلك لا تصريحًا ولا ضمنًا، والحديث متضمن للأمر كأنَّه يقول: ابدؤوا بالبسملة في كلِّ أمر ذي بال. ا هـ.
(٣) كتب على هامش (ب): قوله: (بحديث) هو بلا تنوين لإضافته إلى ما بعده إضافة بيانيَّة، أو من إضافة الأعم إلى الأخص؛ كشجر أراك، وبالتَّنوين على إبدال ما بعده منه، أو على أنَّه خبر عن مبتدأ محذوف تقديره: هو.
(٤) كتب على هامش (ب): قوله: (لا يُبدأ فيه) صفة ثانية ل (أمر)، ففيه جري على الأحسن، وهو تقديم النّعت المفرد على النَّعت الجملة، ونائب فاعل (يبدأ): ضمير مستتر يعود على (أمر)، أو قوله: (بسم الله … ) إلخ، ولا ضمير في (يُبدأ)، وحكمة الإتيان بفي الظرفية مع أن المعنى يستقيم بدونها؛ قال بعضهم: ويمكن أن يقال: إنَّما أُتي بها للإشارة إلى أنَّه إذا لم يأت بالبسملة في الابتداء يستحبُّ أن يأتي بها في الانتهاء، وحذفها لا يفيد ذلك. وقد يقال: لفظ (يبدأ) يبعد ما أشار إليه.
وأجيب: بأن (في) سببية، والتَّقدير: لا يبدأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم بسببه، ولا خلاف أنَّ البداءة بالبسملة لا بدَّ أن يكون لأجل الأمر لا لأجل غيره، فإذا كان شارعًا في السَّفر مع الأكل، وبسمل لأجل السَّفر؛ فلا تحصل البداءة بالبسملة بالنِّسبة للأكل؛ لأنَّها إنَّما هي لأجل السَّفر وبسببه، لا بسبب الأكل. ا هـ.
(٥) كتب على هامش (ب): قوله: (بسم الله … ) إلخ، روي بباء واحدة وبباءين، فعلى الرِّواية الأولى: المطلوب باسم الله، أيَّ اسمٍ كان، وعلى الثَّانية: المطلوب البداءة بلفظ: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، والأولى أصح، فالأحسن إرجاع الثَّانية إليها بإلغاء القيد.
وقوله: (فهو أبتر) دخلت الفاء في الخبر لشبه المبتدأ هنا باسم الشَّرط في العموم، لكن هذا قليل. اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>