للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ماءٍ، فإن كان قليلًا؛ نَجُس بمجرَّدِ المُلاقاةِ، أو كثيرًا وتغيَّر؛ نَجُس أيضًا، وإلَّا فلا، فإن تغيَّر بعضُه؛ فما تغيَّر فنَجسٌ، وغيرُه طَهورٌ إن كَثُر.

(وَيَسِيرٌ) بالرفع، عطفًا على «مَا تَغَيَّرَ»، أي: ومِن النجسِ: ماءٌ قليلٌ دونَ القُلَّتَين (لَاقَى نَجَاسَةً) أي: اختَلَط (١) بها، ولو كانت صغيرةً لا يُدرِكها طَرْفٌ، أو لم يَمضِ زمنٌ تَسرِي فيه (٢)؛ كمائعٍ وطاهرٍ (٣) ولو كَثُرا (٤).

(لَا بِمَحَلِّ تَطْهِيرٍ) يَعني: أنَّ القليلَ الواردَ على محلٍّ نَجسٍ يُمكن تطهيرُه، لا يَنجُس بمجرَّدِ المُلاقاةِ للنَّجاسةِ، وإلّا لم يُمكن تطهيرُ نجاسةٍ بماءٍ قليلٍ.

وههُنا مسألةٌ يَغلط فيها بعضُ حنابلةِ مصرَ، وهي: ما إذا نزَل مِنْ نحوِ راويةٍ أو إبريقٍ ماءٌ على نجاسةٍ، فيُنجِّسون بذلك ما في نحوِ الرَّاويةِ أو الإبريقِ مِنْ الماء، ولا وجهَ لتَنجيسِه أصلًا؛ فإنَّ الأصحابَ قسَّموا النَّجسَ إلى قِسمين: متغيِّرٍ بالنَّجاسةِ، وملاقٍ لها، والتقسيمُ في موضعِ البيانِ يُفيد الحصرَ، وما في نحوِ الرَّاويةِ أو الإبريقِ (٥) مِنْ الماء في الصورة المذكورةِ ليس واحدًا مِنْ القِسمَين، وقد صرَّح بمعنى ذلك في «التَّلخيص» (٦)، وأشارَ إليه في «الرِّعاية الكُبرى».


(١) كتب على هامش (س): قوله: (اختلط): المراد بالاختلاط مطلق المباشرة، لا الاختلاط المقابل للمجاورة. انتهى تقرير مؤلفه.
(٢) في (د): فيه النجاسة.
(٣) كتب على هامش (ب): قوله: (كمائع) من نحو زيتٍ خلٍّ ولبن، (وطاهر)، أي: وماء طاهر غير مطهر كمستعمل، فينجسان بمجرَّد الملاقاة ولو كثر؛ لحديث الفأرة تموت في السمن، ولأنَّهما لا يدفعان النجاسة عن غيرهما، فكذا عن نفسهما، وما ذكر من نجاسة الطاهر بمجرَّد الملاقاة ولو كثر، جزم به في «التنقيح»، وصحَّح في «الإنصاف» أنَّه إذا كان كثيرًا لا ينجس إلّا بالتغيُّر كالطهور، وقدَّمه في «المغني» وغيره، وتبعه في «الإقناع»، انتهى «شرح منتهى». وقال الشَّيخ: المائع كخلٍّ ونحوه كالماء الطَّهور، وهي رواية عند الإمام أحمد وفاقًا لأبي حنيفة .
(٤) في (ب): كثر، وفي (ك): كثيرًا.
(٥) في (س) و (د): والإبريق.
(٦) في (ب): التخليص.

<<  <  ج: ص:  >  >>