للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ أشارَ إلى بيان حدِّ الكثيرِ وحُكمِه، فقال (١): (فَإِنْ بَلَغَ) الماءُ الطَّهورُ (قُلَّتَيْنِ) فصاعدًا، (وَهُمَا) أي: القُلَّتان: (أَرْبَعُمَائَةِ رِطْلٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ) رِطلًا (وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ مِصْرِيٍّ؛ لَمْ يَنْجُسْ) بمُلاقاةِ النَّجاسةِ، ولو كانت بولَ (٢) آدميٍّ أو عذِرَتَه، (إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ)؛ لحديثِ ابنِ عمرَ قال: سُئِل النبيُّ عن الماء يَكون بالفَلَاةِ، وما يَنُوبُه مِنْ الدَّوابِّ والسِّباعِ، فقال: «إذا بَلَغَ الماءُ قُلَّتَينِ لَم يُنَجِّسْهُ شَيءٌ»، وفي روايةٍ: «لَم يَحمِل الخَبَثَ» رَواه الخمسةُ والحاكمُ، وقال: على شرطِ الشَّيخَين، ولفظُه لأحمدَ (٣)، فدلَّ بمَنطوقِه على رفعِ القُلَّتَين للنَّجاسةِ عنهما (٤)، وبمفهومِه على نجاسةِ ما لم يَبلُغهما؛ فلذلك جَعَلْناهما حدَّ الكثيرِ.

وأمَّا حديثُ أَبي أُمامةَ مرفوعًا: «الماءُ لا يُنَجِّسُه شيءٌ، إلَّا ما غَلَب على رِيحِه وطَعمِه ولَونِه» رَواه ابنُ ماجَه والدارَقُطنيُّ (٥)؛ فمطلقٌ حُمل على خبرِ القُلَّتَين المقيَّدِ.

والقُلَّتان: تَثنيةُ «قُلَّةٍ»، وهي اسمٌ لكلِّ ما ارْتفَع وعَلَا، ومنه: «قُلَّةُ الجبلِ»، والمرادُ بها هنا (٦): الجرَّةُ الكبيرةُ، سُمِّيَت قُلَّةً؛ لارتفاعِها وعلوِّها، أو لأنَّ الرَّجلَ العظيمَ يُقِلُّها بيدِه، أي: يَرفعها.


(١) قوله: (ثم أشار إلى بيان حد الكثير وحكمه فقال) سقط من (س).
(٢) في (س): ولو بول آدمي.
(٣) أخرجه أحمد (٤٦٠٥)، وأبو داود (٦٣)، والترمذي (٦٧)، والنسائي (٥٢)، وابن ماجه (٥١٧)، والحاكم (٤٥٨)، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقي وغير واحد. ينظر: التلخيص الحبير ١/ ١٣٥.
(٤) في (س): عن أنفسهما.
(٥) أخرجه ابن ماجه (٥٢١)، والدارقطني (٤٧)، وقال الشافعي: (هذا الحديث لا يثبت أهل الحديث مثله، ولكنه قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافًا)، والصواب أنه مرسل كما قال أبو حاتم. ينظر: العلل لابن أبي حاتم (٩٧)، السنن الكبرى للبيهقي ١/ ٢٦٠.
(٦) قوله: (هنا) سقط من (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>