للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّينِ؛ (بِيعَ رَهْنُهُ) أي: الدَّينِ، أي: باعه المرتهِنُ أو العدلُ الذي تحتَ يدِه الرَّهنُ، (بِإِذْنِهِ) أي: الرَّاهنِ، وإن كان الرَّاهنُ قد أَذِن في البيع عندَ الرَّهنِ؛ لم يَحتج لتجديدِ الإذنِ عندَ الحلولِ، وإن كان البائعُ العدلَ؛ اعتُبر إذنُ المرتهِنِ أيضًا (١).

ويُوفَّى الدَّينُ مِنْ ثَمنِ الرَّهنِ؛ لأنَّه المقصودُ بالبيع، وإن فضَل مِنْ ثَمنه شيءٌ؛ فلمالكِه، وإن بَقي مِنْ الدَّين شيءٌ؛ فعَلى الرَّاهن.

(وَإِلَّا) يَأذنْ راهنٌ في البيع، ولم يُوفِ؛ (أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ) على وَفائه أو بيعِ الرَّهنِ.

(فَإِنْ أَصَرَّ) أي: أَقام على الامتناع، أو كان غائبًا، أو تَغيَّب؛ (بَاعَهُ) الحاكمُ (عَلَيْهِ) أي: على الراهن، (وَوَفَّى) الدَّينَ؛ لأنَّه حقٌّ تَعيَّن عليه، فقامَ الحاكمُ مقامَه فيه، وليس لمرتهِنٍ بيعُه إلّا بإذنِ ربِّه أو الحاكمِ.


(١) كتب على هامش (ح): قال ابن القيم في «الإعلام»: إذا رهنه رهنًا وقال: إن وفيتك الدين إلى كذا وكذا وإلا فالرهن لك بما عليه؛ صح ذلك، وفعله الإمام أحمد، وقال أصحابنا: لا يصح، وهو المشهور من مذهب الأئمة الثلاثة، واحتجوا بقوله : «لا يغلق الرهن»، ولا حجة لهم فيه، فإن هذا كان موجبه في الجاهلية: أن المرتهن يتملك الرهن بغير إذن المالك إذا لم يوفه، فهذا هو غلق الرهن الذي أبطله النبي ، وأما بيعه المرتهن بما عليه عند الحلول؛ فلم يبطله كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح، ولا مفسدة ظاهرة، وغاية ما فيه أنه بيع علق على شرط، ونعم فكان ماذا؟! وقد تدعو الحاجة والمصلحة إلى هذا من المرتهنين، ولا يحرم عليهما ما لم يحرمه الله ورسوله، ولا ريب أن هذا خير للراهن وللمرتهن من تكليفه الرفع إلى الحاكم وإثباته، واستئذانه في بيعه والتعب الطويل الذي لا مصلحة فيه سوى الخسارة والمشقة، فإذا اتفقا على أنه له بالدين عند الحلول كان أصلح لهما، والحيلة في جواز ذلك بحيث لا يحتاج إلى حاكم أن يملكه العين التي يريد أن يرهنها منه ثم يشتريها بالمبلغ الذي يريد استدانته، ثم يقول: إن وفيتك الثمن إلى كذا وكذا وإلا فلا بيع بيننا، فإن وفاه وإلا انفسخ البيع، وعادت السلعة في ملكه، وهذه حيلة حسنة محصلة لغرضهما من غير مفسدة ولا تضمُّن لتحريم ما أحل الله ولا تحليل ما حرم. اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>