للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عطية: لفظة التحريم إذا وردت على لسان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهي صالحة أن ينتهى بالشيء المذكور غاية التحريم، وصالحة بحسب اللغة أن يقف دون الغاية في خبر الكراهة ونحوها بما اقترنت به قرينة التأويل من الصحابة كتحريمه لحوم الحمر الإنسية، فتأول بعض الصحابة أنها نجس، وتأول بعضهم لأنها حمولة الناس، فجائز لمن ينظر من العلماء أن يحمل التحريم بحسب اجتهاده (١).

(وما سكت عنه) فلم يبين تحريمه رحمة لكم غير نسيان (فهو عفو) أي: ما أمسك عن ذكره فلم يوجب عليكم فيه حكمًا فهو معفو عنه، أي: عفي عن الحرج في أكله تسهيلًا عليكم، فيباح لكم أكله، وهذا على أن الأصل في الأشياء الإباحة، كما تقتضيه عموم النصوص، وهذا الحديث بخصوصه، قيل: يقتضي الإباحة مطلقًا. والصحيح أن الأصل في المنافع [الإباحة، وفي المضار التحريم، ويستثنى من المنافع] (٢) الأموال فإن الظاهر أن الأصل فيها التحريم؛ لحديث جابر: "إن دماءكم وأموالكم حرام" (٣) (وتلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} إلى آخر الآية) فهي دالة على أن التحريم والتحليل إنما يثبت بالوحي والتنزيل.

* * *


(١) "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٧ - ٣٧٨.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(٣) رواه مسلم (١٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>