(فليغمسه كله) ليقابل الداء بالدواء، وفيه إشارة إلى أن المريض يقابل داء مرضه بالدواء، ويعتقد أن الدواء نافع بقدرة اللَّه تعالى لا بنفسه. وفي الحديث دلالة على أن الذباب إذا وقع في الماء أو المائع لا ينجسه؛ لأن الغمس يموته، ولو كان ينجس لما أمر بغمسه، فإن فيه إفساد الطعام، وهو مال نهي عن إضاعته، وفي قول: إنه ينجسه كسائر الميتات، وهو القياس. وفي قول ثالث أن ما يعم وقوعه كالذباب لا ينجس، وما لا يعم وقوعه كالخنافس ينجس، وهو قول قوي لا محيد عنه في الدليل.
وقد ضرب المثل بالذباب في إلقائه نفسه للتهلكة فيقال: أخطأ من ذبابٌ؛ لأنه يلقي نفسه في الشيء الذي لا يمكنه التخلص منه، قال الشاعر في ذم المتطفل:
أوغل في التطفل من ذباب
على طعام وعلى شراب
لو أبصر الطعام في سحاب
لطار في الجو بلا حجاب
* * *
(١) "سنن ابن ماجه" (٣٥٠٤). ورواه أيضًا أحمد ٣/ ٢٤، ٦٧، وأبو يعلى ٢/ ٢٧٣ (٩٨٦). وحسن إسناده البوصيري في "المصباح" ٤/ ٦٩.