للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيطول انتظار الزائر (١)، ويشق عليه تكلفه وذهابه إلى السوق أو أحد من جهته.

(فأكل) منه (ثم قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) بعد فراغه من الأكل وإن لم يسأله صاحب الطعام الدعاء، بل دعا له، لما ذكر في الحديث قبله: "أثيبوا أخاكم" (أفطر عندكم) فيه: أن من حضر عند صاحب الطعام لا يفطر من الصيام إلا من طعامه أو شرابه، ولقد كان بعضهم إذا دعاه أحد ليفطر عنده يحترص ألا يفطر إلا على طعامه وإن دخل عليه وقت الإفطار قبل أن يأتي إليه وتيسر له أكل شيء فلا يفطر إلا عند من دعاه؛ ليحوز صاحب الطعام أجر من فطر صائمًا فله مثل أجره.

(الصائمون) يدل على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان صائمًا فأفطر عنده، وقد صرح بذلك ابن ماجه فيما تقدم: أفطر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند سعد (٢). وفيه أن المزور لا يتكلف لزائره، وإن كان كبيرًا، فهذا سيد الخزرج زاره سيد الأولين والآخرين، فأحضر له الخبز والزيت، ولو أحضر هذا لأحاد الناس في هذا الزمان لاحتقره الزائر والمزور. وفيه أن إظهار الصيام لفائدة ليس هو من الرياء، بل ليدخل على قلبه السرور بأنه يكتب له مثل أجر صيام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

(وأكل طعامكم الأبرار) جمع بار، وهو الطائع التقي. وفي الحديث إشارة وتنبيه لصاحب الطعام أن لا يتقصد بدعوته إلا الأبرار الأتقياء دون العصاة والفساق؛ لما روى المصنف والترمذي: "لا تصحب إلا مؤمنًا،


(١) ساقطة من (م)، (ل).
(٢) "سنن ابن ماجه" (١٧٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>