للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من عرض أخيه شيئًا فذلك الذي حرج". قالوا: يا رسول اللَّه، هل علينا جناح أن نتداوى (١)؟ ولفظ رواية أحمد والترمذي: (فقال) "نعم، يا عباد اللَّه" (تداووا) (٢) فيه الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد الشديدين بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها اللَّه مقتضيات لمسبباتها قدرًا وشرعًا، وأَنَّ تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر.

وفيه رد على من أنكر التداوي، وقال: إن كان الشفاء قد قدر، فالتداوي لا يفيد، وإن لم يكن قدرًا فكذلك. وأيضًا فإن المرض حصل بقدرة اللَّه تعالى، وقدر (٣) اللَّه لا يدفع ولا يرد.

وهذا السؤال هو الذي أورده الأعراب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما أفاضل الصحابة فأعلم باللَّه وحكمته من أن يوردوا مثل هذا، وقد أجابهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بما شفى وكفى، فقال: هذِه الأدوية من قدر اللَّه، فما خرج شيء عن قدره.

(فإن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- لم يضع)؛ لم يخلق (داء) أي: لم يصب أحدًا بداء (إلا وضع) أي: قدر (له دواء) أي: دواءً شافيًا.

لفظ البخاري: "ما أنزل اللَّه داءً إلا أنزل له شفاءً" (٤) فيه حذف


(١) "سنن ابن ماجه" (٣٤٣٦).
(٢) "سنن الترمذي" (٢٠٣٨) وأحمد ٤/ ٢٧٨.
(٣) في (م)، (ل): وقدرة.
(٤) "صحيح البخاري" (٥٦٧٨) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>