للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذِه الرواية فيها إشارة إلى أنه يباح الكي عند الضرورة بالابتلاء بالأمراض المزمنة التي لا ينجع فيها إلا الكي ويخاف الهلاك عند تركه؛ ألا تراه كوى سعدًا لما لم ينقطع الدم من جرحه، وخاف عليه الهلاك من كثرة خروجه، كواه كما يكوى من تقطع يده أو رجله، ونهى عمران بن حصين عن الكي؛ لأنه كان به ناصور (١)، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيه، فتعين أن يكون النهي خاصًّا لمن به مرض مخوف منه؛ ولأن العرب كانوا يرون أن الشافي لما لا شفاء له بالدواء هو الكي، ويعتقدون أن [من] (٢) لم يكتو هلك، فنهاهم عنه لأجل هذِه النية؛ فإن اللَّه تعالى هو الشافي.

قال ابن قتيبة (٣): الكي جنسان؛ كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى؛ لأنه يريد أن يدفع العذر عن نفسه، والثاني كي الجرح إذا لم ينقطع دمه بإحراق ولا غيره، والعضو إذا قطع ففي هذا الشفاء بتقدير اللَّه تعالى، وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجح ويجوز أن لا ينجح، فإنه إلى الكراهة أقرب، وقد تضمنت أحاديث النهي أربعة أنواع هذا أحدها، كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى.

(فما أفلحن ولا أنجحن) هكذا الرواية الصحيحة بنون الإناث فيهما، يعني: تلك الكيَّات التي أكتوينا بهن وخالفنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في فعلهن، وكيف نفلح أو ننجح بشيء خولف فيه صاحب الشريعة، وعلى هذا فالتقدير:


(١) في (م): باسور.
(٢) ساقطة من جميع النسخ، ولا يستقيم السياق بدونها.
(٣) انظر: "تأويل مختلف الحديث" ١/ ٣٢٩، ٣٣١، ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>