للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العاص -رضي اللَّه عنه- (يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: ما أبالي ما أتيت) بفتح الهمزة والتاء الأولى. أي: لا أكترث بشيء من أمر ديني، ولا أهتم بما فعلته إن أنا فعلت هذِه الثلاثة أو شيئًا منها.

وهذا مبالغة عظيمة وتهديد شديد في فعل شيء من هذِه الثلاثة؛ إذ من فعل شيئًا منها فهو غير مكترث بما يفعله ولا يبالي به هل هو حرام أو حلال، وهذا وإن أضافه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فالمراد به إعلام غيره بالحكم، وقد سئل عن تعليق التمائم والخرز فقال: "ذلك شرك". وقال: بلغني أن ابن عمر قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما يبالي ما أتي من شرب ترياقًا أو تعلق تميمة" (١).

(إن أنا شربت ترياقًا) بالتاء أو الدال أو الطاء أوله مكسورات أو مضمومات، فهذِه ست لغات، أرجحهن كسر التاء؛ رومي معرب، وهو دواء السم، وليس المراد به ما كان نباتًا أو حجرًا، بل المختلط بلحوم الأفاعي يطرح منها رأسها وأذنابها، وتستعمل أوساطها في الترياق، وهو محرم؛ لأنه نجس، وإن اتخذ الترياق من أشياء طاهرة فهو طاهر لا بأس بأكله وشربه، وممن رخص فيما فيه شيء من لحوم الأفاعي، مالك؛ لأنه يرى إباحة لحوم الحيَّات (٢)، ويقتضيه مذهب الشافعي لإباحته التداوي ببعض المحرمات (٣)، وقيل: الحديث مطلق، والأولى اجتناب الترياق جميعه.


(١) ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول" ٧/ ٥٧٦ (٥٧٢٩).
(٢) "المدونة" ١/ ٤٥٠، ٥٤٢.
(٣) انظر: "نهاية المطلب" ١٧/ ٣٢٦، "المجموع" ٩/ ٥٤، ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>