للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال: قلت: يا رسول اللَّه) أرأيت (إذا كان القوم بعضُهم) بالرفع بدل و (في بعض) خبر (كان)، يحتمل أن يراد به رؤية الأقارب بعضهم في بعض كالأب والجد والابن وابنه ومن في معناهم، ويحتمل أن يراد به المثل لمثله كالرجل للرجل والمرأة مع المرأة، ويدل عليه حديث (١) الترمذي، فإن لفظه: فقال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: "إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل" (٢) أما الأب وما في معناه فيبينه الحديث الصحيح عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما تلقى قال: "إنه ليس عليكِ بأس، إنما هو أبوك وغلامك" (٣). ففي هذا جواز إبداء الشعر والقدمين للأب والمملوك. وأما الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة فيجوز مع الأمن النظر لما عدا ما بين السرة والركبة، وقيل: لا يجوز إلا ما ينظر الرجل من المحرم.

(قال: إن استطعت أن لا يرينَّها) بتشديد نون التوكيد أو تخفيفها. (أحد) منك (فلا يرينَّها) بتشديد نون التوكيد أيضًا، وفيه دليل على الاجتهاد على حفظ العورة على حسب الاستطاعة، فإن دعت الضرورة إلى شيء من ذلك جاز، كأن لا يجد ما يستر به، فإن وجد ما يستر البعض تعين ستره، ويقدم ستر الأقبح فالأقبح. (قال: قلت:


(١) ساقطة من (ح)، وبياض في (ل)، والمثبت من (م).
(٢) "سنن الترمذي" (٢٧٦٩).
(٣) يأتي قريبًا برقم (٤١٠٦). وصححه الضياء في "المختارة" ٥/ ٩١ (١٧١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>