للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتابع المنذري (١) ابن عبد البر في هذا الإشكال. وهو فيما يظهر ليس بلازم؛ لأن الحديث ليس فيه تصريح بأنه كان صبيًّا، بل جيء به كما جيء بهم، فيحمل أنه كان بالغًا، وأرادت أمه أن تتبرك بمسح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ودعائه له، و"حبك للشيء يعمي ويصم" (٢)، وحبها لولدها يعميها أن هذا مختص بالصغار، ووضعها لخلوق الصبيان لشدة محبتها وشفقتها، لا سيما وقد كان كما قيل: يحب اللهو والمجون.

وأيضًا فإن أبا داود المصنف لم يسبقه إلى معرفة علل الأحاديث وعلو أسانيدها أحد في زمانه؛ ولا في درجته من النسك والصلاح، وقد قال: ما وضعت في كتابي إلا الصحيح وما يشبهه ويقاربه. وقال: ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح (٣) من بعض (٤). ومعنى قوله: صالح. أي: للاحتجاج به، وهذا الحديث لم يبين (٥) فيه وهنًا، فهو عنده من الصحيح أو ما يقاربه، وعلى هذا فلا يلتفت إلى ما يقول أهل السير والتواريخ بغير إسناد متصل، فهم وإن اتفقوا على نقل شيء فهو لا يقاوي ما سكت عنه (٦) أبو داود، لا سيما وهذا الحديث له شواهد كثيرة تعضده من الأحاديث الصحيحة. واللَّه أعلم.


(١) "مختصر سنن أبي داود" ٦/ ٩٤.
(٢) سيأتي من حديث أبي الدرداء (٥١٣٠) مرفوعًا.
(٣) في (ل، م): أقوى.
(٤) "رسالة أبي داود إلى أهل مكة" (ص ٢٧).
(٥) في (ل، م): يثبت.
(٦) في (ل، م): عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>