للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجع من تبوك (١)، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا.

(لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد) وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة بإخباره عن المغيبات التي لم تحدث، والمراد أن كل نفس منفوسة كانت تلك الليلة على الأرض لا تعيش بعدها أكثر من مئة سنة، سواء قل عمرها قبل ذلك أم لا، وليس فيه نفي عيش أحد (٢) يوجد بعد تلك الليلة فوق مئة سنة، ومعنى "نفس منفوسة" أي: مولودة. وفيه احتراز من الملائكة.

وقد احتج بهذِه الأحاديث من شذ من المحدثين فقال: الخضر ميت. والجمهور على حياته، وتأولوا هذا الحديث على أنه كان في البحر لا على وجه الأرض، وأن الحديث عام مخصوص. قال القرطبي في قوله في رواية مسلم: "نفس منفوسة": أراد بني آدم، ولا يتناول هذا الملائكة ولا الجن؛ إذ لم يصح عنهم أنهم كذلك ولا الحيوان غير العاقل إذ قد قال في الحديث: (على وجه الأرض)، وهذا إنما يقال بأصل وضعه على من يعقل، فتعين أن المراد بنو آدم. قال: والخضر وإن كان حيًّا كما يقال فليس مشاهدًا للناس، ولا ممن يخالطهم حتى يخطر ببالهم حالة مخاطبتهم، فمثل هذا العموم لا يتناول عيسى ابن مريم عليه السلام؛ لأنه حي بنص القرآن ومعناه، وكذا لم يتناول الدجال مع أنه حي؛ بدليل ما تقدم من حديث الجساسة، وقد يقال: لم يتناول هذا العموم عيسى عليه السلام؛ لأن اللَّه قد رفعه، فليس على ظهر الأرض،


(١) مسلم (٢٥٣٩/ ٢١٩).
(٢) ساقطة من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>