للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأن المحارب إذا تاب قبل القدرة عليه فقد أسقط (١) عنه حكم المحاربة، ولا نظر للإمام فيه إلا كما ينظر في سائر المسلمين، فإن طلبه أحد بدين أو دم نظر فيه وأقاد منه إذا كان الطالب وليًّا، ولذلك يتبع بما وجد عنده من مال الغير وبقيمة ما استهلك من الأموال، وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي (٢).

وروى ابن جرير عن عامر الشعبي قال: جاء رجل من مراد إلى أبي موسى وهو على الكوفة في إمرة عثمان بعدما صلى المكتوبة، فقال: يا أبا موسى، هذا مقام العائذ بك، أنا فلان ابن فلان المرادي، وإني كنت حاربت اللَّه ورسوله، وسعيت في الأرض فسادًا، وإني تبت من قبل أن يقدر علي. فقام أبو موسى فقال: إن هذا فلان، وإنه كان حارب اللَّه وسعى في الأرض فسادًا، وإنه تاب من قبل أن يقدر عليه، فمن لقيه فلا يتعرض له إلا بخير، فإن يك صادقًا فسبيل من صدق، وإن يك كاذبًا تدركه ذنوبه. فأقام الرجل ما شاء اللَّه، ثم إنه خرج فأدركه اللَّه بذنوبه فقتله (٣)، ثم قال ابن جرير: إن عليًّا الأسدي حارب وأخاف السبيل وأصاب الدم والمال، فطلبه الأئمة والعامة، فامتنع ولم يقدر عليه حتى جاء تائبًا، وذلك أنه سمع رجلًا يقرأ هذِه الآية: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} إلى آخر الآية (٤)،


(١) في (ل)، (م): أسقطها. والمثبت من "المحرر الوجيز".
(٢) "المحرر الوجيز" ٤/ ٤٢٩ - ٤٣٠.
(٣) "جامع البيان" ٦/ ٢٢٢.
(٤) الزمر: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>