للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النكاح وغيره، وذلك عقوبة وزجر، فحقيق أن يسمى ذلك الحبس حدًّا، غير أن ذلك الحكم كان ممدودًا إلى غاية، وهو أن يبين اللَّه لهن سبيلًا غير الحبس، فلما بلغ وقت بيانه المعلوم عند اللَّه أوضحه اللَّه تعالى لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبلغه لأصحابه، وهذا نحو قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (١) فإذا جاء الليل انتهى حكم الصيام لانتهاء غايته لا لنسخه.

قال القرطبي: وبهذا يعلم بطلان قول من قال: إن الحبس في البيوت منسوخ بالحد المذكور في النور في حق الثيب بالرجم المجمع عليه، وهذا ليس بصحيح؛ لما ذكرنا، ولأن الجمع بين الحبس والجلد (٢) والرجم ممكن فلا تعارض، وهو (٣) شرط النسخ مع علم المتأخر عن المتقدم كما تقرر في كتب الأصول (٤).

(قد جعل اللَّه لهن سبيلًا) رواية أحمد: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه، فأنزل اللَّه عليه ذات يوم، فلما سري عنه قال: "خذوا عني قد جعل اللَّه. . . . " (٥).

(الثيب بالثيب) تفسير للسبيل المذكور في الآية، والمراد بالثيب المحصن وهو البالغ العاقل الحر الواطئ وطأً مباحًا في عقد صحيح، هذِه شروط الإحصان، وقد اختلف في بعضها، فالثيب المحصن إذا


(١) البقرة: ١٨٧.
(٢) في (ل)، (م): والحد. والمثبت من "المفهم" ٥/ ٨١.
(٣) في (ل)، (م): ومنه. المثبت من "المفهم" ٥/ ٨١.
(٤) "المفهم" ٥/ ٨١.
(٥) "المسند" ٥/ ٣١٨، ٣٢٠، ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>