(فإن أفتانا بفتيا) يقال: فتوى وفتيا بالضم في الأولى، والفتح في الثانية (دون الرجم) الذي فيه إزهاق النفس (قبلناها واحتججنا بها عند اللَّه) فيه ذم من كانت بينه وبين شخص خصومة في مالٍ أو دم وذهب إلى العالم ليسأله؛ لعل أن يكون عنده حيلة يبطل بها حق من بينه وبينه الخصومة، فإن دله على حيلة أخذ منه فتواه بذلك؛ ليدفع بها خصمه عند الحاكم إذا ادعى عليه، ويقول: هذِه فتيا فلان العالم. كما في الحديث (قلنا: ) هذِه (فتيا (١) نبي من أنبيائك) الذي أرسلته إلينا.
(قال: فأتوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو جالس في المسجد) فيه فضيلة ملازمة المساجد وكثرة الجلوس فيها والتردد إليها، وفيه الجلوس في المسجد للإفتاء والتعليم، وأما القضاء في المسجد فقال بعض أصحابنا: لا يكره الجلوس في المسجد له، كما لا يكره للإفتاء والتعليم. والصحيح أنه يكره اتخاذه مجلسًا للحكم؛ لأنه ينزه عن رفع الأصوات وحضور الحيَّض والكفار والمجانين.
(في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم) فيه جواز دخول الكفار المسجد إذا أذن له (ما ترى في رجل وامرأة) منهم (زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة) في المسجد (حتى أتى بيت مدراسهم) بكسر الميم كما تقدم (فقام على الباب) ولم يدخل (فقال: أنشدكم) بفتح الهمزة وضم الشين، أي: أسألكم (باللَّه الذي أنزل التوراة على موسى) وفي رواية أبي بكر عبد اللَّه بن الزبير الحميدي في "مسنده": "أنشدكم بالذي فلق البحر لبني