يعني: أصفر شديد الصفرة (وأكل رهط من أصحابه معه) وروى المستغفري من رواية أبي سعيد الخدري: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اذكروا اسم اللَّه وكلوا" قال: فأكلنا فلم يضر أحدًا منا (ثم قال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ارفعوا أيديكم) أي: من الأكل فإنها تخبرني أنها مسمومة.
(وأرسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليهودية فدعاها فقال لها: أسممت) بفتح همزة الاستفهام والسين والميم الأولى، أي: جعلت فيها سمًّا (هذِه الشاة) وظاهر قوله: "هذِه الشاة" يعم كل جزء منها، ويدل عليه ما تقدم عن المستغفري أنها سمت سائر الشاة.
(قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: أخبرتني هذِه) التي (في يدي) وأشار (للذراع، قالت) له (نعم) فيه معجزات ظاهرة وآيات باهرة دالات على صحة معجزته وصدق نبوته، أهمها ما أظهره اللَّه تعالى من تكليم الجماد له، ولم يؤثر فيه السم، وعلم ما غيب عنه من الشر، وفيه دلالة على أن السموم لا تؤثر بذاتها بل بإذن اللَّه تعالى، كما أن النار لا تحرق بذاتها بل بإذن اللَّه تعالى، ألا ترى أن السم أثر في بِشْرٍ ولم يؤثر فيه.
(قال: فما أردت إلى ذلك؟ ) بكسر الكاف، يشبه أن يكون معناه: ما دعاك إلى ذلك. فضمنت "أردت" معنى: "دعاك"، كما ضمنت "افتعل" من "دعا" بمعنى: "أردت" في قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ}(١)، أي: يريدون ويشتهون (قالت: قلت: إن كان نبيًّا لم يضره، وإن لم يكن نبيًّا