(أخبرهم عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من تطبب) أي: تعاطى علم الطب وتعدى بمعالجة المريض بما يقتل غالبًا، فحصل منه التلف في النفس أو العضو (ولا يعلم منه) معرفة، ولم يعلم منه (طب) ولا يكون ذا درجة وسطى من معرفة حقيقة الطب وأنواعه، وأقسام أمراضه، ويشخص داء العليل، ومعرفة المفردات وطبائعها (فهو ضامن) لما أتلفه، فقد تدق حقيقة المرض وتغمض فيقع الخطأ للطبيب، بأن يظن العلة من مادة حارة وتكون باردة من أصلها، أو يظن المادة باردة وهي حارة، فيقابل البارد بالبارد فيقع الخطأ.
ويدخل في تعاطي الطب طب الآدميين وطب البهائم، وهو البيطرة، وربما دخل فيه طب الأديان، فمن تعاطى المشيخة وجلس لها ولا يعرف أمراض القلوب، فربما وقع منه الفساد.
وكذا كل من تعاطى علما (١) لا يعرفه، كمن تعاطى خياطة الملبوس مثلًا وفصل قماشًا وخاطه وهو لا يعرفه، فإنه لا يكون ضامنًا لما أفسده، وهذِه مصيبة قد عمت، فنسأل اللَّه العافية.
وهذا الحديث يتناول من تطبب بوصفه وقوله كالطبائعي، وبمروده وهو الكحال وبمبضعه ومراهمه كالجرائحي، وبموساه وهو الحالق، وبريشته وهو الفاصد، وبمحاجمه كالحجام، وبخلعه ووصله كالمجبر، وبقربته كالحاقن، واسم الطبيب يقع على هؤلاء كلهم.