عَنْ عَليٍّ -رضي اللَّه عنه- قالَ: كُنّا في جَنازَةٍ فِيها رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ببَقِيِعِ الغَرْقَدِ، فَجاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَجَلَسَ وَمَعَهُ مِخْضَرَةٌ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِالمِخْصَرَةِ في الأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقالَ: "ما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ما مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا قَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكانَها مِنَ النّارِ أَوْ مِنَ الجَنَّةِ إِلَّا قَدْ كُتِبَتْ شقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً". قالَ: فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يا نَبي اللَّهِ، أَفَلا نَمْكُثُ عَلَى كِتابِنا وَنَدَعُ العَمَلَ فَمَنْ كانَ مِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ لَيَكونَنَّ إِلَى السَّعادَةِ، وَمَنْ كانَ مِنْ أَهْلِ الشِّقْوَةِ لَيَكونَنَّ إِلَى الشِّقْوَةِ؟ قالَ: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، أَمّا أَهْلُ السَّعادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِلسَّعادَةِ، وَأَمّا أَهْلُ الشِّقْوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِلشِّقْوَةِ". ثمَّ قالَ نَبيُّ اللَّهِ: "فَأَمّا مَنْ أَعْطَى واتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمّا مَنْ بَخِلَ واسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى. فَسَنيسِّرُهُ لِلْعُسْرى" (١).
٤٦٩٥ - حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا أَبِي، حَدَّثَنا كَهْمَسٌ، عَنِ ابن بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قالَ: كانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ في القَدَرِ بِالبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الجُهَني فانْطَلَقْتُ أَنا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَريُّ حاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنا: لَوْ لَقِينا أَحَدًا مِنْ أَصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فسَأَلْناهُ عَمّا يَقُولُ هؤلاء في القَدَرِ. فَوَفَّقَ اللَّه لَنا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ داخِلًا في المَسْجِدِ فاكْتَنَفْتُهُ أَنا وَصاحِبي، فَظَنَنْتُ أَنَّ صاحِبي سَيَكِلُ الكَلامَ إِلَي فَقُلْت: أَبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنا ناسٌ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ وَيتَفَقَّرُونَ العِلْمَ يَزْعُمُونَ أَنْ لا قَدَرَ والأَمْرُ أُنُفٌ. فَقالَ: إِذا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنّي بَرَيءٌ مِنْهُمْ وَهُمْ بُرَآءُ مِنّي والَّذي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ ما قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالقَدَرِ، ثُمَّ قالَ: حَدَّثَني عُمَرُ بْن الْخطّابِ، قالَ: بَيْنا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذْ طَلَع عَلَيْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعْرِ لا يُرى عَلَيْهِ أَثرُ السَّفَرِ وَلا نَعْرِفُهُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وقالَ: يا مُحَمَّدُ أَخْبِرْني عَنِ الإِسْلامِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إله إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتي
(١) رواه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute