للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إجبار اللَّه سبحانه وتعالى العبد وقهره على ما قدره وقضاه، وليس الأمر كما يتوهمونه، وإنما معناه الإخبار عن تقدم علم اللَّه سبحانه عما يكون من اكتساب العباد وصدورها عن تقدير منه وخلق لها خيرها وشرها (١).

(قال: صدقت) زاد ابن ماجه: فعجبنا منه يسأله ويصدقه (٢).

(قال: فأخبرني عن الإحسان) الألف واللام فيه للعهد الذي ذكر في كتاب اللَّه تعالى كقوله تعالى: {وَأَحْسَنُوا} لأن الإحسان لما تكرر في القرآن وعظم ثوابه سأل عنه جبريل؛ ليعلم الناس حيث لم يعرفوه.

(قال: أن تعبد اللَّه تعالى كأنك تراه) هذا من جوامع كلمه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنا لو قدرنا أن أحدنا قام في عبادة وهو يعاين ربه سبحانه لم يترك شيئًا مما يقدر عليه من الخشوع وحسن السمت واجتماعه بظاهره وباطنه على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها إلا أتى به، ومقصود الكلام الحث على الإخلاص في العبادة ومراقبة العبد ربه في إتمام الخشوع وغيره، وقد ندب أهل الحقائق إلى مجالسة الصالحين؛ ليكون ذلك مانعًا من تلبسه بشيء من النقائص احترامًا لهم، فكيف بمن لا يزال اللَّه مطلعًا عليه في سره وعلانيته؟ !

(فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وهذِه مرتبة دون ما قبلها، وهو أن يغلب على المتعبد أن الحق سبحانه مطلع عليه ومشاهد له في جميع حركاته على ظاهره وباطنه، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)} (٣) وهاتان الحالتان ثمرة معرفة اللَّه تعالى


(١) "معالم السنن" ٤/ ٢٩٧.
(٢) "سنن ابن ماجه" (٦٣).
(٣) الشعراء: ٢١٨ - ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>