للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فإن استطعتم أن لا تغلبوا) بلفظ المجهول (على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) وهاتان الصلاتان هما الصبح والعصر، وخصهما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالذكر؛ لأن الصبح يغلب فيها النوم، والعصر يشتغل الناس عنها بالمعاملات والحرف، ومثله حديث: "من صلى البردين دخل الجنة" (١) وفي الحديث أن رؤية اللَّه ممكنة وأنها سترى في الآخرة للمؤمنين كما هو مذهب الجماعة، ومعنى الحديث أنكم ترونه رؤية محققة لا شك فيها ولا مشقة ولا خفاء كما ترون القمر كذلك، وفيه زيادة شرف الصلاتين لتعاقب الملائكة في وقتيهما، ومن حافظ على هاتين الصلاتين مع ما فيهما من التثاقل بلذة النوم والتشاغل بإتمام الوظائف، فلأن يحافظ على غيرهما بطريق الأولى (فافعلوا) فإن قيل: ما المراد بفعل الأمر ولا يصح أن يراد افعلوا الاستطاعة، وافعلوا عدم المغلوبية فالجواب أن عدم المغلوبية كناية عن الإتيان بالصلاة، فإنه لازم الإتيان بها فكأنه قال: ائتوا بالصلاة فاعلين لها.

(ثم قرأ هذِه الآية فسبح) كذا هنا وفي "الصحيح" بالفاء (٢)، والتلاوة: {وَسَبِّحْ} بالواو، لا بالفاء ({بِحَمْدِ رَبِّكَ}) فيه وجهان أحدهما ليس تسبيحنا تسبيحًا، بل تستحق بحمدك وجلالك هذا التسبيح. والثاني: إنا نسبحك بحمدك فلولا إنعامك علينا بالتوفيق لم نستطع هذا التسبيح، كما قال داود: يا رب كيف أقدر أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكر نعمتك إلا بنعمتك؟ ! فأوحى اللَّه إليه: الآن


(١) رواه البخاري (٥٧٤)، ومسلم (٦٣٥) من حديث أبي موسى الأشعري.
(٢) البخاري (٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>