للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رضي اللَّه عنهما (قال: قام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الناس) خطيبًا (فأثنى على اللَّه) تعالى بما هو أهله) فيه: استحباب البداءة بالحمد للَّه والثناء عليه لكل خطيب ومدرس وخاطب ونحو ذلك (فذكر الدجال، فقال: إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه) وإنما كان هذا من الأنبياء لما علموا من عظيم فتنته وشدة محنته؛ لأنهم لما لم يعين واحد منهم وقت خروجه توقع كل منهم خروجه في زمن أمته، فبالغ في التحذير، واللَّه (لقد أنذره نوح) وما بعده من الأنبياء (قومه) وفائدة هذا الإنذار الإيمان بوجوده والعزم على معاداته ومخالفته وإظهار تكذيبه وصدق الالتجاء إلى اللَّه تعالى في التعوذ من فتنته، وهذا على مذهب أهل السنة خلافًا لمن أنكره من الخوارج وأبي علي الجبائي وبعض المعتزلة، وإن اشتد وزعم أن ما عنده مخارق ليست صحيحة، ولو كانت صحيحة لم يكن فرق (١) بين النبي والمتنبي، وهذا هذيان منه لا يلتفت إليه، وهذا إنما يلزم لو ادعى النبوة، إنما يدعي الإلهية.

(ولكني سأقول لكم فيه قولًا لم يقله) لم يصرح به (نبي لقومه: إنه أعور) هذا تشبيه للعقول القاصرة أو الغافلة على أن من كان ناقصًا في ذاته بعور ونحوه، وهو عاجز عن إزالة نقصه لم يصلح أن يكون إلها لعجزه وضعفه، ومن كان عاجزًا عن إزالة نقصه كان أعجز عن إزالة نقص غيره (وإن اللَّه ليس بأعور) لينزه الإله عن النقص العاجز.

* * *


(١) في الأصول: فرقًا. والجادة ما أثبتناه على أن (كان) تامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>