للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(حدثني رجل من قومي) وهو شرحبيل كما سيأتي.

(عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من أعطي) بضم الهمزة (عطاء) من هبة ونحوها (فوجد) عنده شيئًا يكافئه به من المال (فليجز) بفتح الياء وسكون الجيم وكسر الزاي، أي: فليجاز (به) أي: يكافئه بجميع ما صنع إليه أو أعطاه، أو بما يقدر عليه ويدعو له ويثنيه على ما بقي، قال الجوهري: يقال: جزيته بما صنع جزاء، وجازيته بمعنى (١). (فإن لم يجد) ما يكافئ به ولا بعضه (فليثن) بضم المثناة تحت، أي: يثني عليه على معروفه له. وفي هذا رد لما قال بعضهم: المعطي في الحقيقة هو اللَّه، والمعطي لا يمدح؛ لأنه آلة كما لا يمدح السكين إذا قطعت.

ويمكن أن يفرق بينهما أن المعطي مكتسب واللَّه هو الخالق لفعله والمقدر والمدبر له والملهم، بخلاف السكين حيث لا اكتساب لها بل هي محض آلة والفاعل بها مكتسب، ولو قلنا لبطلت الحدود والعقاب والثواب على الأفعال، ويدل على المكافأة قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (٢) فإن العموم فيها شامل للهدية والعاطس والرد على المشمت والهبة.

قال ابن خويز منداد: يجوز أن تحمل هذِه الآية على الهبة إذا كانت للثواب (٣)، فمن وهب له هبة على الثواب فهو بالخيار، إن شاء ردها،


(١) "الصحاح" ٦/ ٢٣٠٢.
(٢) النساء: ٨٦.
(٣) انظر: "بدائع الصنائع" ٦/ ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>