الإعراب: أحدهما بكسر الغين على النهي؛ لالتقاء الساكنين، أي: لا يخدع المؤمن ويؤتى من ناحية الغفلة مرة بعد أخرى لعدم تفطنه فيقع في مكروه وهو لا يشعر، وليكن متيقظًا حذرًا، وهذا يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة معًا.
والثاني: بضم الغين على معنى الخبر، فهو خبر في معنى النهي، والمراد: المؤمن الممدوح الحازم الذي لا يُخدع من ناحية الغفلة مرة بعد أخرى. وقيل: أراد به الخداع في أمر الآخرة دون الدنيا.
(من جحر) أصل الجحر هو الثقب المستدير في الأرض، ويكون للضب واليربوع والحية وغيرها من ذوات اللدغ.
(واحد مرتين) وأصل ظاهر الحديث: إن المؤمن لدغته حية أو غيرها من جحر أو سرب فليحترز منه، فالحازم لا يلدغ من جحر واحد مرتين وهذا الحديث قد صار مثلا سائرًا في ألسنة الناس، وله سبب جرى عليه هذا الكلام، وهو أن أبا عزة عمرو بن عبد اللَّه الجمحي مَنَّ عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم بدر، لأنه كان فقيرًا ذا عيال وحاجة، ثم إن أبا عزة استنفر الناس على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأشعاره بعد ذلك، فظفر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بحمراء الأسد، فقال: يا محمد، أقلني. فقال:"واللَّه لا تمسح عارضيك بمكة وتقول: خدعت محمدًا مرتين" ثم أمر عاصم بن ثابت فضرب عنقه، وقال:"لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"(١).
* * *
(١) رواه ابن هشام في "السيرة" ٣/ ٥٦ بلاغا عن سعيد بن المسيب مرسلًا. =