للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخرج له مسلم.

(عن أبي هريرة أنه قيل: يا رسول اللَّه، ما الغيبة؟ ) لفظ مسلم: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أتدرون ما الغيبة؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم (١).

قال القرطبي: هذا السؤال صدر بعد أن جرى ذكر الغيبة، ولا يبعد أن يكون ذلك بعد أن نزل قوله تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (٢)، ففسر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هذِه الغيبة المنهي عنها (٣).

(قال: ذكرك أخاك) في حال غيبته (بما يكره) أي: بكل ما يكرهه لو سمعه، وكما تكون الغيبة باللسان تكون بالقلب، فالذكر باللسان إنما حرم؛ لأن فيه تفهيم الغير وتعريفه بما يكرهه أخوك الغائب، والتعريض في هذا كالتصريح، والفعل فيه كالقول وكذا الإشارة والإيماء والغمز والرمز والكتابة وكل ما يفهم المقصود بكل ما يكرهه فهو داخل في الغيبة. قالت عائشة: دخلت علينا صفية (٤) فلما ولَّت أومأت بيدي إلى أنها قصيرة؛ فقال -عليه السلام-: "قد اغتبتها" (٥). وكذلك المحاكاة بأن يمشي متعارجًا كما يمشي، فهو غيبة له، ويدخل في الغيبة كل ما ذكرت به أخاك بما يكرهه لو بلغه، سواء ذكرت نقصا في بدنه، أو نسبه، أو خلقه، أو فعله، أو قوله، أو دينه، أو دنياه، أو


(١) "صحيح مسلم" (٢٥٨٩) من حديث أبي هريرة.
(٢) الحجرات: ١٢.
(٣) "المفهم" ٦/ ٥٦٩ - ٥٧٠.
(٤) مقابلها في حاشية (ل): لعلها.
(٥) رواه أحمد ٦/ ٢٠٦ وابن أبي الدنيا في "الصمت" (٢٠٦)، وهناد في "الزهد" ٢/ ٥٦٨ (١١٩٠). وليس فيه أنها صفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>