للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استحقاق. والثاني: منتصر، فلا إثم عليه ولا جناح؛ لقوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١)} (١)، ولقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)} (٢).

لكن السبب المنتصر به وإن كان مباحًا للمنتصر فعليه إثم من حيث هو سبٌّ، لكنه عائد إلى الجاني الأول؛ لأنه هو الذي أحوج المنتصر إليه وتسبب فيه، فيرجع إثمه عليه، ويسلم المنتصر من الإثم؛ لأن الشرع قد رفع عنه الإثم والمؤاخذة، لكن هذا (ما لم يعتد المظلوم) أي: ما لم يجاوز ما سبَّ به إلى غيره إما بزيادة سب آخر أو بتكرار مثل ذلك السبِّ، وذلك أن المباح في الاقتصار أن يرد مثل ما قال الجاني أو مقاربه؛ لأنه قصاص، فلو قال له: يا كلب. مثلا، فالانتصار أن يرد عليه بقوله: بل هو الكلب.

فلو كرر هذا اللفظ مرتين أو ثلاثًا لكان متعديًا بالزائد على الواحد، وكذلك لو رد عليه بأفحش من الأول فيقول له: يا خنزير. مثلا، فإن كل واحد منهما مأثوم (٣)، وهذا مقتضى قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (٤).

وعلى هذا فالصبر والعفو أفضل من الانتصار. قال اللَّه تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)} (٥).

* * *


(١) الشورى: ٤١.
(٢) الشورى: ٣٩.
(٣) في (ل)، (م): مأثمومًا. والصواب ما أثبتناه.
(٤) البقرة: ١٩٤.
(٥) الشورى: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>