للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مصدق) فمن [قلبه سليم] (١) يصدق ما قيل له، ولا يظن بأخيه المؤمن الكذب، وفي هذا الحديث إشارة إلى فضيلة من هذِه صفته (وأنت له به كاذب) فيه ذم الكذب، وإن قصد به المخبر التعريض، ويدل عليه ما روي عن ابن عباس: ما أحب بمعاريض الكلام حمر النعم (٢).

ومن كمال الصدق: الاحتراز عن المعاريض، إلا فيما تدعو الضرورة إليه والحاجة، فإن في المعاريض تفهيمًا (٣) للكذب، وإن لم يكن اللفظ كذبًا، وعلى الجملة فالتعريض في غير موضع الحاجة مكروه كما قال الغزالي (٤).

كما روي عن أبي عبد اللَّه بن عتبة قال: دخلت مع أبي على عمر بن عبد العزيز، فخرجت وعلي ثوب، فجعل الناس يقولون: هذا كساكه أمير المؤمنين، فكنت أقول: جزى اللَّه أمير المؤمنين خيرًا. فقال: يا بني، اتقِّ الكذب، إياك والكذب (٥). فنهاه عن ذلك؛ لأن فيه تقريرًا لهم على ظن كاذب؛ لأجل عرض المفاخرة، وهو عرض باطل لا فائدة فيه، وسمي هذا التعريض خيانة؛ لأنه بالتعريض أوقع أخاه في الظن الكاذب، فقد خان أخاه (٦) في ظن كذبه، إذ أوقعه في ذلك، وهذا محمول على ما إذا كان لغير حاجة كما تقدم.

* * *


(١) في (ل): فمن قبله سليمًا، وفي (م): فمن قلبه سليمًا والمثبت هو المناسب للسياق.
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٣/ ٢١٢.
(٣) في (ل)، (م): تفهيم. والجادة ما أثبتناه.
(٤) "إحياء علوم الدين" ٣/ ١٤٠.
(٥) انظر السابق.
(٦) في (ل)، (م): أخوه، والجادة ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>