للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المحرم باسم يهيج طباعهم إليه (١) عند ذكره، فيكون ذلك الوقوع في المحرم؛ كالنظر للأجنبية، وسماع صوتها، ووصفها بالحسن، وإن لم يرها تحرك الطباع؛ فنهى عنه.

قال القرطبي: وهذا ليس بصحيح؛ لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ينهَ عن تسمية المحرم الذي هو الخمر بالعنب بل عن تسمية العنب بالكرم، وإنما محمل الحديث كمحمل: "ليس المسكين بالطواف عليكم" (٢)، و"ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" (٣) أي: الأحق (٤).

(فإن الكرم) في الحقيقة هو (الرجل المسلم) أو قلب الرجل المسلم؛ وذلك لما حواه من العلوم والأعمال الصالحة، والداعية إلى الكرم والسخاء، فهو أحق باسم الكريم والكرم من العنب (٥). قلت: وعلى هذا فالحديقة التي في جملة أشجارها العنب، أو ليس فيها عنب، تسميتها بالكرم كما هو مستعمل في بلادنا ليس بحسن؛ فإن الأحق بالكرم قلب المؤمن، وفي لفظ مسلم: "لا تسموا العنب الكرم" (٦) وفي لفظ: "لا تقولوا الكرم" (٧) وهذا النهي على جهة الإرشاد لما


(١) ساقطة من (م).
(٢) رواه البخاري (١٤٧٩)، ومسلم (١٠٣٩) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(٣) رواه البخاري (٦١١٤)، ومسلم (٢٦٠٩) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(٤) "المفهم" ٥/ ٥٥١.
(٥) انظر السابق.
(٦) "صحيح مسلم" (٢٢٤٧) (٨).
(٧) رواه مسلم (٢٢٤٨) من حديث وائل بن حجر مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>