للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشيخين (قالا: ثنا حماد بن زيد، ثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من صور صورة حيوان عذبه اللَّه بها يوم القيامة) يعني: أن الصورة التي صورها في الدنيا، يجعل اللَّه فيها روحًا يوم القيامة ويأمرها أن تعذبه بأنواع من العذاب (حتى ينفخ فيها) الروح.

من هذا أخذ ابن عباس أن هذا الوعيد مخصوص بالصورة التي على صورة ما ينفخ فيه الروح، وأن تصوير ما ليس له روح كالأشجار والمدن، ونحو ذلك جائز، والاكتساب به مباح، وهو مذهب جمهور السلف والخلف (١) سوى مجاهد؛ فقال: لا يجوز تصوير شيء من ذلك، سواء كان له روح أو لم يكن متمسكًا بقول اللَّه تعالى: "ومن أظلم ممن يخلق خلقًا كخلقي فليخلقوا ذرة، فليخلقوا حبة، وليخلقوا شعيرة" (٢) وقد استثنى الجمهور من الصور لعب البنات لمن دون البلوغ، كما تقدم.

وشذ بعض الناس، فرأى إباحة هذا النهي منسوخة، واستثنى بعض المالكية ما لا يبقى كصور الشمع والحلوى والطين، وما شاكل ذلك (٣). وهو مطالب بدليل التخصيص، وليس عليه نص، بل ولا ظاهر.

(وليس بنافخ) "فيها أبدًا" (٤). والمراد: أنه يلزم ذلك ويطوقه، وهو


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي ١٤/ ٩٠، "فتح الباري" ١٠/ ٣٩٤، "عمدة القاري" ١١/ ٢٠٤.
(٢) رواه البخاري (٧٥٥٩)، ومسلم (٢١١١) من حديث أبي هريرة بنحوه. وأثر مجاهد أورده القرطبي في "المفهم" ٥/ ٤٣٢، والنووي في "شرح مسلم" ١٤/ ٩١.
(٣) انظر: "البيان والتحصيل" ٩/ ٣٦٦.
(٤) رواه البخاري (٢٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>