(قال: فبينما أنا مضطجع في المسجد من السحر) أي: في وقت السحر في المسجد قبل صلاة الفجر في الصفة، فإنه كان من أهلها، وقد جاء مصرحًا به في رواية (على بطني إذا رجل يحركني برجله) فيه: جواز التأديب بالتحريك بالرجل والضرب بها للنائم عن الصلاة، أو بعد صلاة الصبح، ونحو ذلك.
(فقال: إن هذِه ضجعة) بكسر الضاد المعجمة وسكون الجيم وفتح العين المهملة؛ لأن المراد هنا هيئة الاضطجاع المذمومة، وهو النوم على الوجه، فهو على نحو الجلسة والركبة والغمة، وفي رواية: فركضني برجله. وقال:"هذِه نومة"(١)(يبغضها اللَّه) بضم الياء وكسر الغين؛ لأنه يقال: أبغضه إبغاضًا، ولا يقال: بغضه بغير ألف. وفيه: دليل على كراهة النوم على الوجه؛ لأنها نومة الشيطان، ونوم إخوانهم من الإنس، ولأنه يستقبل باسته وظهره السماء الذي هو قبلة الدعاء، ويدع وجهه الذي هو أشرف الأعضاء، ولأن أهل النار يسحبون على وجوههم، وكذلك عذابهم، وهو على أربعة أنحاء: النوم على الشق الأيمن، وهو السنة، والنوم على الشق الأيسر، وهو مما يستحبه الأطباء؛ لأنه أسرع لهضم الطعام، فإن أراد السنة والهضم فليضطجع على الأيمن قليلا، وينقلب على الأيسر، والثالث: النوم مستلقيًا على القفا ووجهه إلى السماء، وهو مباح للرجال خصوصًا للمتعبدين.
(١) هذِه اللفظة رواها ابن ماجه (٣٧٢٣)، وابن حبان ١٢/ ٣٥٨ (٥٥٥٠)، والطبراني ٧/ ٣٨٥ (٨١٥١)، والحاكم ٤/ ٢٧١.