للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(يا عراقي) نسبة إلى الإقليم المعروف، وهو ليس من بلاد العرب (جئتي ببدعة) أي: بقول ابتدعته من عندك استحبابًا لم أسمعه ولم يبلغني أو سمعته من العراق.

(قال: قلت إنما) جئت بهذِه (البدعة) وسمعتها (من قبلكم) بكسر القاف (سمعت من يقول بمكة) شرفها اللَّه تعالى (لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من قطع) أو قلع شيئًا من (السدر) قيل: أراد به سدر مكة؛ لأنها حرم. وقيل: سدر المدينة، فقد نهي عن قطعه ليكون أنسًا وظلًا لمن يهاجر إليها لئلا يستوحش. وقيل: أراد به السدر الذي يكون بالفلاة.

قلت: ويحتمل أن يكون نهيه أو لعنه لقاطع السدرة لسبب تقدمه، وهو أنه نزل في سفرة تحت شجرة، فأعجبه ظلها وكثرة نفعها في تلك الفلاة مع شدة الحر للمسافرين، فتذكر سدرة المنتهي التي ينتهي إليها علم الخلائق والتي في الجنة، فقال: "لعن اللَّه من قطع السدر" يعني: التي ينتفع بها الناس مثل هذِه وإكراما لسدرة المنتهى. كما أنه نظر إلى جبل جمدان بضم الجيم منفردًا عن الجبال فذكر المنفردين (١) عن الناس فقال: "سبق المفردون" (٢).

وعلى قول من قال: إن السدرة السمرة، فيحتمل أنه لما كان تحت شجرة السمرة التي كانت البيعة تحتها وذكرها اللَّه تعالى في القرآن وما حصل من الخير الكثير تحتها وكان تحت سمرة في الطريق انتفع بطلبها قال: "لعن اللَّه من قطع السدر" يعني: التي مثل هذِه في النفع


(١) في (ل)، (م): المنفردون. ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) رواه مسلم (٢٦٧٦) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>