للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيء إلا أن تَطوَّع وقَد عُلم أنَّ التطوّع ليسَ بوَاجب فلا يجبُ شيء آخر أصْلًا (١)، وقال بَعض العُلماء: هوَ استثناء مُتصل.

قَال القرطبِي: مَعنى الكلام هَل يجبُ عليَّ مِنْ نَوع الصَّلوَات شَيء غَير هذِه الخَمس فأجَابَهُ بأنهُ لا يَجبُ عليه شَيء إلا أن يطوّع فيجبُ عَلَيك، وهذا ظَاهِر؛ لأنَّ أصْل الاستثناء مِنَ الجنس، والاستثناء من غير الجنس مختلف فيه، ثم هُوَ مجَاز عند القائل بهِ. وإذا حَمَلناهُ على الاستثناء المتصل لزم منه أن يَكون التَطوع واجبًا، ولا قَائل به لاستحالته فلم يبق إلا مَا ذَهَب إليه مَالك (٢)، وهوَ أن التطوُّعَ يَصير واجبًا بِنَفس الشروع فيه كما يَصير واجبًا بالنذر (٣).

ولقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (٤) فالشرُوع فيه التزام (٥)، وحينئذ يكونُ معنى قوله: إلا أن تطوع أن تشرع فيه وتبتدئه، ومَن ادَّعى أنه (٦) استثناء مِنْ غَير الجنس طُولبَ بتصحيح ما ادَّعَاهُ.

(قال (٧): وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ ) لأنه فهم منه أنهُ إنما يسأل عما يتعين عَلَيه فعله من شرائع الإسلام الفعلية لا القَولية، ولذَلك لم يذكر لهُ أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محَمدًا رسُول الله، ولم يذكر لهُ الحج؛ لأنه علم منه أنهُ غَير مُسْتطيع فلا يجبُ عليه الحج.


(١) انظر: "عمدة القاري" ١/ ٤١٧ - ٤١٨.
(٢) انظر: "الذخيرة" ٢/ ٥٢٩.
(٣) "المفهم" ١/ ١٥٩.
(٤) محمد: ٣٣.
(٥) زاد في (د، م): له.
(٦) سقط من (د).
(٧) من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>