للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الخطابي: يشبه الجصّ، وليسَ بهِ (١) انتهى. فلعَلهُ أراد به الشيد فإنه أصْل الجِصِّ. (وَجَعَلَ عَمَدَهُ حِجَارَةً مَنْقُوشَةً) بالنصب في الثلاثة مَفعُول أول، ومَفعُول ثان، وصفته.

(وَسَقَّفَهُ) بلفظ الماضي: عَطفًا عَلى جَعل. وبإسكان القاف (٢) عطفًا على عَمَده (بِالسَّاجِ) نَوع مِن الخشب مَعروف يؤتى به منَ الهند.

(قَالَ مُجَاهِدٌ: وَسَقَفَهُ) بفتحهما (السَّاج) ويُشبهُ أن يَكون سَقَّفهُ بتشديد القَاف، فَإنَّ سَقَفْتُ البَيتَ بالتخفيف مُتَعَدِّ إلى وَاحِد، وبالتَّشدِيد يتعَدى إلى ثَانٍ كما أنَّهُ بالهَمزة يتعدى إلى اثنَين، ويجوز أن يكونَ السَّاج مَنصُوب بحَذف حَرْف الجر، وأصلهُ سَقفهُ بالسَّاج كما في الروَاية المتقَدمَة.

(قَالَ أَبُو دَاودَ: القَصَّةُ الجِصُّ) وأهْل بلادنا يُفَرقونَ بَيْنَ الجِصِّ والشيد، وَحُمِل فِعْلُ عثمان - صلى الله عليه وسلم - عَلى أنهُ حسن المسْجد بمَا لا يقتضي الزخرفة التي أخبرَ عَنهَا - صلى الله عليه وسلم -، ومَعَ ذلك فَقَد أنكر بَعضُ الصَّحَابة عَلَيه، وسَكت كثير من أهل العِلم عَن إنكار ذَلكَ خَوفًا مِن الفتنة، ورَخَّصَ في ذَلك بَعضهم، وهوَ قول أبي حَنيفةٍ (٣) إذَا وَقَع ذَلك عَلىَ سَبيل التعظيم للمسَاجِد، ولم يَقع الصَّرفُ عَلى ذَلك من بَيت المال.

قال ابن المنير: لمَّا شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسَبَ أن يُصنع ذَلك بالمسَاجِد صوْنًا لها عَن الاستهانة. وتُعقب بأن المنع إن كان


(١) "معالم السنن" ١/ ١٤١.
(٢) من (د، م).
(٣) انظر: "المبسوط" للسرخسي ٣٠/ ٣١٨ - ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>